| الف ليله وليله حلقات متتاليه | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: الف ليله وليله حلقات متتاليه 12/9/2010, 00:10 | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الصراحة بعد ما قريت كتاب الف ليلة وليلة الشيق والممتع حبيت انزل الكتاب في المنتدى اتمنى لكم اسعد الاوقات يلا نبدا...................................... بسم الله الرحمن الرحيم اللحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة وسلاما دائمين متلازمين الى يوم الدين ( وبعد) فان سير الاولين صارت عبرة للاخرين لكي يرى الانسان العبر التي حصلت لغيره فيعتبر، ويطالع حديث الامم السالفة وما جرى لهم فينزجر ، فسبحان من جعل حديث الاولين عبرة لقوم آخرين فمن تلك العبر الحكايات التي تسمى (الف ليلة وليلة ) وما فيها من الغرائب والامثال
( حكاية الملك شهريار واخيه الملك شاه زمان) ( حكى) والله اعلم انه فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والاوان ملك من ملوك ساسان بجزائر الهند والصين صاحب جند واعوان ولدان احدهما كبير والاخر صغير. وكانا فارسين بطلين وكان الكبير افرس من الصغير وقد ملك البلاد وحكم بالعدل بين العباد اسمه الملك شهريار. وكان اخوه الصغير شاه زمان . وكان ملك سمرقند العجم ولم يزل الامر مستقيما في بلادهما وكل واحد منهما في مملكته حاكم عادل في رعيته مدة عشرين سنة، ولم يزالا على هذه الحالة الى ان اشتاق الكيبر الى اخيه الصغير فامر وزيره ان يسافر اليه سافر حتى وصل ودخل على اخيه وبلغه السلام واعلمه ان اخاه مشتاق اليه وقصده ان يزوره فاجابه بالسمع والطاعة وتجهز للسفر واقام وزيره حاكما على بلاده وخرج طالبا اخيه فلما كان نصف الليل تذكر حاجة نسيها في قصره فرجع ودخل قصره فوجد زوجته راقدة في فراشه معانقة عبدا اسود من العبيد فلما رأى هذا اسودت الدنيا في وجهه وقال في نفسه اذا كان هذا الامر قد وقع وانا ما فارقت المدينة فكيف حال هذه العاهرة اذا غبت عند اخي مدة ثم انه سل سيفه وضرب الاثنين فقتلهما في الفراش ورجع من وقته وساعته وامر بالرحيل وسار الى ان وصل الى مدينة اخيه ففرح اخوه بقدومه ثم خرج اليه ولاقاه وسلم عليه ففرح به غاية الفرح وزين له المدينة وجلس معه يتحدث بانشراح فتذكر الملك شاه زمان ما كان من امر زوجته فحصل عنده غم زائد واصفر لونه وضعف جسمه فلما رآه اخوه على هذه الحالة ظن في نفسه ان ذلك بسبب مفارقته بلاده وملكه، فترك سبيله ولم يسأل عن ذلك ثم انه قال له في بعض الايام يا اخي ان في باطني جرحا. ولم يخبره بما رأى من زوجته، فقال اني اريد ان تسافر معي الى الصيد والقنص لعل صدرك ينشرح فأبى ذلك. فسافر اخوه وحده الى الصيد وكان في قصره شبابيك تطل على بستان اخيه فنظر واذا باب القصر قد فتح وخرج منه عشرون جارية وعشرون عبدا، وامرأة اخيه تمشي بينهم وهي في غاية الحسن والجمال حتى وصلوا الى فسيقة وخلعوا ثيابهم وجلسوا مع بعضهم . واذا بامرأة الملك قالت يا مسعود فجاءها عبد اسود فعانقها وعانقته وواقعها، وكذلك باقي العبيد فعلوا بالجواري، ولم يزالوا في بوس وعناق ونحو ذلك حتى ولى النهار فلما رأى ذلك اخو الملك قال والله ان بليتي اخف من هذه البلية وقد هان ما عنده من القهر والغم وقال هذا اعظم مما جرى لي، ولم يزل في اكل وشرب، وبعد هذا ا جاء اخوه من السفر فسلما على بعضهما، ونظر الملك شهريار الى اخيه الملك شاه زمان وقد رد لونه واحمر وجهه وصار يأكل بشهية بعدما كان قليل الاكل، فتعجب من ذلك وقال يا اخي كنت اراك مصفر اللون والوجه والان قد رد اليك لونك فاخبرني بحالك فقال له اما تغير لوني فاذكر ملك وعف عني عن اخبارك برد لوني، فقال له اخبرني اولا بتغير لونك وضعفك حتى اسمعه فقال له يا اخي انك لما ارسلت وزيرك الي يطلبني للحضور بين يديك جهزت حالي وقد برزت من مدينتي ثم اني تذكرت الخرزة التي اعطيتها لك في قصري فرجعت فوجدت زوجتي معها عبد اسود وهو نائم في فراشي فقتلتهما وجئت اليك وانا متفكر في هذا الامر فهذا سبب تغير لوني وضعفي. واما رد لوني فاعف عني من ان اذكره لك فلما سمع اخوه كلامه قال اقسمت عليك بالله ان تخبرني بسبب رد لونك فاعاد عليه جميع ما رأه فقال شهريار لاخيه شاه زمان مرادي ان انظر بعيني فقال له اخوه شاه زمان اجعل انك مسافر للصيد والقنص واختف عندي وانت شاهد ذلك وتحققه عيانا، فنادى الملك من ساعته بالسفر فخرجت العساكر والخيام الى ظاهرة المدينة وخرج الملك ثم انه جلس في الخيام وقال لغلمائه لا يدخل علي احد ثم انه تنكر وخرج متخفيا الى القصر الذي فيه اخوه وجلس في الشباك المطل على البستان ساعة من الزمان، واذا بالجواري وسيدتهم دخلوا مع العبيد وفعلوا كما قال له اخوه واستمروا كذلك الى العصر فلما رأى الملك شهريار ذلك الامر طار عقله من رأسه وقال لاخيه شاه زمان قم بنا نسافر الى حال سبيلنا وليس لنا حاجة بالملك حتى ننظر هل جرى لاحد مثلنا او لا، فيكون موتنا خير من حياتنا فاجابه لذلك ثم انهما خرجا من باب سري في القصر ولم يزالا مسافرين اياما ولياليا الى ان وصلا الى شجرة في وسط مرج عندها عين ماء بجانب البحر المالح فشربا من تلك العين وجلسا يستريحان فلما كان بعد ساعة مضت من النهار اذ هما بالبحر قد هاج وطلع منه عمود اسود صاعد الى السماء وهو قاصد تلك المرجة، قال فلما رأيا ذلك خافا وطلعا الى اعلى الشجرة وكانت عالية وصار ينظران ماذا يكون الخبر واذا بجني طويل القامة عريض الهامة واسع الصدر على رأسه صندوق فطلع الى البر وأتى نحو الشجرة التي هما فوقها وجلس تحتها وفتح الصندوق واخرج منه علبة ثم فتحها فخرجت منها صبية غراء بهية كأنها الشمس المضيئة كما قال الشاعر:
اشرقت في الدجى فلاح النهار واستنارت بنورها الاسحار من سناها الشموس تشرق لما تتبدي وتنجلي الاقمار تسجد الكائنات بين يديها حين تبدو وتهتك الاستار واذا اومضت يروق حماها هطلت بالمدافع الامطار
قال فلما نظر اليها الجني قال يا سيدة الحرائر التي قد اختطفتك ليلة عرسك اريد ان انام قليلا ثم ان الجني وضع رأسه على ركبتها ونام ، فرفعت رأسها الى اعلى الشجرة فرأت الملكين. فرفعت رأس الجني من فوق ركبتها ووضعتها على الارض ووقفت تحت الشجرة ، وقالت لهما بالاشارة انزلا ولا تخافا من هذا العفريت ، فقالا لها بالله عليك ان تسامحينا من هذا الامر فقالت لهما بالله عليكما ان تنزلا والا نبهت عليكما العفريت فيقتلكما، ونزلا اليها فقامت لهما وقالت ارصعا رصعا عنيفا والا انبه عليكما العفريت فقالت لهما مالي اراكما تتغامزان ان لم تتقدما وتفعلا نبهت عليكما العفريت فمن خوفهما من الجني فعلا ما امرتهما به فلما فرغا قالت لهما اقفا واخرجت لهما من جيبها كيسا واخرجت منه عقدا فيه خمسمائة وسبعون خاتما فقالت لهما اتدريان ما هذه فقالا لها لا ندري فقالت لهما اصحاب هذه الخواتم كلهم كانوا يفعلون بي على غفلة قرن هذا العفريت فأعطياني خاتميكما انتما الآخران فأعطياها من يديهما خاتمين فقالت لهما ان هذا العفريت قد اختطفني ليلة عرسي ثم انه وضعني في علبة وجعل العلبة داخل الصندوق ورمى على الصندوق سبعة اقفال وجعلني في قاع البحر العجاج المتلاطم بالامواج ويعلم ان المرأة منا اذا ارادت امرا لم يغلبها شيء. تعجبا غاية ´العجب وقالا لبعضهما اذا كان هذا عفريتا وجرى له اعظم مما جرى لنا فهذا شيء يسلينا ثم انصرفا من ساعتهما عنها ورجعا الى مدينة الملك شهريار ودخلا قصره ثم انه رمى عنق زوجته وكذلك اعناق الجواري والعبيد وصار المك شهريار كلما ياخذ بنتا بكرا يزيل بكارتها ويقتلها من ليلتها ولم يزل على ذلك مدة ثلاث سنوات فضجت الناس وهربت ببناتها ولم يبق في المدينة بنت تتحمل الوطء. ثم ان الملك امر الوزير بان يأتيه ببنت على جري عادته فخرج الوزير وفتش فلم يجد بنتا فتوجه الى منزله وهو غضبان مقهور خائف على نفسه من الملك وكان الوزير له بنتان ذا حسن وجمال وبهاء وقد واعتدال الكبيرة اسمها شهرزاد والصغيرة اسمها دنيازاد وكانت الكبيرة قد قرأت الكتب والتواريخ وسير الملوك المتقدمين واخبار الامم الماضين قيل انها جمعت الف كتاب من كتب التواريخ المتعلقة بالامم السالفة والشعراء فقالت لابيها مالي اراك متغيرا حاملا الهم والاحزان وقد قال بعضهم في المعنى شعرا : قل لمن يحمل هما ان حما لا يدوم مثل ما يفنى السرور هكذا تفنى الهموم فلما سمع الوزير من ابنته هذا الكلام حكى لها ما جرى له من الاول الى الاخر مع الملك فقالت له بالله يا ابت زوجني هذا الملك فاما ان اعيش واما ان اكون فداءا لبنات المسلمين وسببا لخلاصهن من بين يديه: وتزوجت الفتاة من الملك الليلة الاولى ......................
قالت بلغني ايها الملك السعيد انه كان هناك تاجرا من التجار كثير المال والمعاملات في البلاد قد ركب يوما وخرج يطالب في بعض البلاد فاشتد عليه الحر فجلس تحت شجرة وحط يده في خرجه واكل كسرة كانت معه وتمرة فلما فرغ من اكل التمرة رمى النواة فاذا هو بعفريت طويل القامة وبيده سيف فدنا من ذلك التاجر وقال له قم حتى اقتلك مثل ما قتلت ولدي فقال له التاجر كيف قتلت ولدك قال لما اكلت التمر ورميت نواتها جاءت النواة في صدر ولدي فقضي عليه لساعته فقال التاجر للعفريت اعلم ايها العفريت انه علي دين ولي مال كثير واولاد وزوجة وعندي رهون فدعني اذهب الى بيتي واعطي كل ذي حقه ثم اعود اليك فتفعل بي ما تريد فاستوثق منه الجني واطلقه فرجع الى بلاده وقضى جميع تعلقاته واوصل الحقوق الى اهلها واعلم زوجته واولاده بما جرى له فبكوا وكذلك جميع اهله ونسائه واولاده واوصى وقعد عندهم الى تمام السنة ثم توجه واخذ كفنه من تحت ابطه وودع اهله وجيرانه وجميع اهله. كان ذلك اليوم اول السنة الجديدة. فبينما هو جالس يبكي واذا بشيخ كبير قد اقبل عليه ومعه غزالة فسلم على هذا التاجر وحياه وقال له ما سبب جلوسك في هذا المكان وانت منفرد وهو مأوى الجن. فاخبره التاجر بما جرى له مع ذلك العفريت فتعجب الشيخ وقال والله يا اخي ما دينك الا دين عظيم وحكايتك حكاية عجيبة ثم انه جلس بجانبه وقال والله يا اخي لا ابرح من عندك حتى انظر ما يجري لك مع ذلك العفريت ثم انه جلس عنده يتحدث معه فغشي على ذلك التاجر وحصل له الخوف والفزع والغم الشديد والفكر المزيد واذا بشيخ ثان قد اقبل عليهما ومعه كلبتان سلاقيتان من الكلاب السود فسألهما بعد السلام عليهما عن سبب جلوسهما في هذا المكان وهو مأوى الجان فاخبروه بالقصة فلم يستقر بهم الجلوس حتى اقبل عليهم شيخ ثالث ومعه بغلة فسلم عليهم وسألهم عن سبب جلوسهم في هذا المكان فاخبروه بالقصة ويبنما هم كذلك اذا بغبرة هاجت وزوبعة عظيمة قد اقبلت من وسط تلك البرية فانكشف الغبار واذا بذلك الجني وبيده سيف مسلول وعيونه ترمي الشرر فاتاهم وجلب ذلك التاجر من يبنهم وقال له قم اقتلك مثل ما قتلت ولدي وحشاشة كبدي فانتحب ذلك التاجر وبكى واعلن الثلاثة شيوخ بالبكاء والعويل والنحيب فانتبه منهم الشيخ الاول وقبل يد العفريت وقال له ناج ملوك الجان اذا حكيت لك جكايتي مع هذه الغزالة اتهب لي ثلث دم هذا التاجر؟ قال نعم. الشيخ الاول اعلم ايها العفريت ان هذه الغزالة بنت عمي، كنت قد تزوجتها وهي صغيرة السن واقمت معها نحو ثلاثين سنة فلم ارزق منها بولد فاخذت لي سرية فرزقت منها بولد ذكر كانه البدر فكبر شيئا فشيئا الى ان صار ابن خمس عشرة سنة فطرأت لي سفرة بعض المداثن فسافرت بمتجرعظيم وكانت بنت عمي هذه الغزالة تعلمت السحر واكهانة من صغرها فسحرت ذلك الولد عجلا وسحرت الجارية امه بقرة وسلمتها الى الراعي ثم جئت انا بعد مدة طويلة من السفر فسالت عن ولدي وعن امه فقالت لي جاريتك ماتت وابنك هرب ولا اعلم اين ذهب فجلست مدة سنة وانا حزين الى ان جاء عيه الضحية فارسلت الى الراعي ان يخصني ببقرة سمينة فجاءني ببقرة سمينة وهي سريتي التي سحرتها تلك الغزالة فشمرت ثيابي واخذ ت السكين بيدي وتهيأت لذبحها . فصاحت وبكت بكاءا شد يدا فقمت عنها وامرت الراعي بذ بحها فذ بحها وسلخها فلم يجد فيها شحما ولا لحما غير جلد وعظم فند مت على ذبحها واعطيتها للراعي وقلت له ائتني بعجل سمين فأتاني بولدي المسحور عجلا فلما رأني ذلك العجل قطع حبله وبكى فاخذتني الرأفة عليه وقلت للراعي : اثتني ببقرة ودع هذا . وادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح فقالت لها اختها ما أطيب حد يثك وألطفه وألذه وأعذبه فقالت لها واين هذا مما ساحدثكم به الليلة المقبلة اذ عشت وابقاني الملك فقال الملك في نفسه والله ما اقتلها حتى اسمع بقية حديثها ثم انهم باتوا تلك الليلة متعانقين , فخرج الملك الى محل حكمه وطلع الوزير بالكفن تحت ابطه ولم يخبره الملك بشيء من ذلك فتعجب غاية التعجب ثم انفض الديوان ودخل الملك شهريار قصره.
عدل سابقا من قبل امولة في 12/9/2010, 00:15 عدل 1 مرات | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 12/9/2010, 00:11 | |
| الليلة 2 ................................ قالت دنيازاد لاختها يا أختي أتممي لنا حديثك قالت حباً وكرامة إن أذن لي الملك في ذلك، فقال لها الملك: احكي، فقالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنه لما رأى بكاء العجل حن قلبه إليه وقال للراعي: ابق هذا العجل بين البهائم. كل ذلك والجني يتعجب ثم قال صاحب الغزالة: كل ذلك جرى وابنة عمي تنظر وترى وتقول اذبح هذا العجل فإنه سمين، فلم يهن علي أن أذبحه وأمرت الراعي أن يأخذه فاخذه وتوجه به وفي ثاني يوم وأنا جالس وإذا بالراعي قد أقبل علي وقال: يا سيدي إني سأقول شيئاً تسر به ولي البشارة. فقلت: نعم فقال: أيها التاجر إن لي بنتاً كانت تعلمت السحر في صغرها فلما كنا بالأمس وأعطيتني العجل دخلت به عليها فنظرت إليه ابنتي وغطت وجهها وبكت ثم إنها ضحكت وقالت: يا أبي قد خس قدري عندك حتى تدخل علي الرجال الأجانب. فقلت لها: وأين الرجال الأجانب ولماذا بكيت وضحكت؟ فقالت لي أن هذا العجل الذي معك ابن سيدي التاجر ولكنه مسحور وسحرته زوجة أبيه هو وأمه فهذا سبب ضحكي وأما سبب بكائي فمن أجل أمه حيث ذبحها أبوه وما صدقت بطلوع الصباح حتى جئت إليك لأعلمك . فلما سمعت أيها الجني كلام هذا الراعي خرجت معه وأنا سكران من غير مدام من كثرة الفرح والسرور الذي حصل لي إلى أن أتيت إلى داره فرحبت بي ابنة الراعي وقبلت يدي ثم إن العجل جاء إلي وتمرغ علي فقلت لابنة الراعي: أحقا ما تقولينه عن ذلك العجل؟ فقالت: نعم يا سيدي إنه ابنك وحشاشة كبدك فقلت لها: أيها الصبية إن أنت خلصتيه فلك عندي ما تحت يد أبيك من المواشي والأموال فتبسمت وقالت: يا سيدي ليس لي رغبة في المال إلا بشرطين: الأول: أن تزوجني به والثاني: أن أسحر من سحرته وأحبسها وإلا فلست آمن مكرها فلما سمعت أيها الجني كلام بنت الراعي قلت: ولك فوق جميع ما تحت يد أبيك من الأموال زيادة وأما بنت عمي فدمها مباح. فلما سمعت كلامي أخذت طاسة ملأتها ماء ثم أنها عزمت عليها ورشت بها العجل وقالت: له إن كان الله خلقك عجلاً فدم على هذه الصفة ولا تتغير وإن كنت مسحوراً فعد إلى خلقتك الأولى بإذن الله تعالى وإذا به انتفض ثم صار إنساناً فوقعت عليه وقلت له: بالله عليك احكي لي جميع ما صنعت بك وبأمك بنت عمي فحكى لي جميع ما جرى لهما فقلت: يا ولدي قد قيض الله لك من خلصك وخلص حقك ثم إني أيها الجني زوجته ابنة الراعي ثم أنها سحرت ابنة عمي هذه الغزالة وجئت إلى هنا فرأيت هؤلاء الجماعة فسألتهم عن حالهم فأخبروني بما جرى لهذا التاجر فجلست لأنظر ما يكون وهذا حديثي فقال الجني: هذا حديث عجيب وقد وهبت لك ثلث دمه فعند ذلك تقدم الشيخ صاحب الكلبتين السلاقيتين وقال له: اعلم يا سيد ملوك الجان أن هاتين الكلبتين أخوتي وأنا ثالثهم ومات والدي وخلف لنا ثلاثة آلاف دينار ففتحت انا دكاناً أبيع فيه وأشتري وسافر أخي بتجارته وغاب عنا مدة سنة ثم أتى وما معه شيء فقلت: يا أخي أما أشرت عليك بعدم السفر؟ فبكى وقال: يا أخي قدر الله عز وجل علي بهذا ولم يبق لهذا الكلام فائدة ولست أملك شيئاً فأخذته وطلعت به إلى الدكان ثم ذهبت به إلى الحمام وألبسته حلة من الملابس الفاخرة وقلت له: يا أخي إني أحسب ربح دكاني من السنة إلى السنة ثم أقسمه دون رأس المال بيني وبينك ثم إني عملت حساب الدكان من ربح مالي فوجدته ألفي دينار فحمدت الله عز وجل وفرحت غاية الفرح وقسمت الربح بيني وبينه وأقمنا مع بعضنا أياماً ثم إن أخوتي طلبوا السفر أيضاً وأرادوا أن أسافر معهم فلم أرض وقلت لهم: أي شيء كسبتم من سفركم حتى أكسب أنا؟ فألحوا علي ولم أطعهم بل أقمنا في دكاكيننا نبيع ونشتري سنة كاملة وهم يعرضون علي السفر وأنا لم أرض حتى مضت ستة سنوات.ثم وافقتهم على السفر وقلت لهم: يا أخوتي إننا نحسب ما عندنا من المال فحسبناه فإذا هو ستة آلاف دينار فقلت: ندفن نصفها تحت الأرض لينفعا إذا أصابنا أمر ويأخذ كل واحد منا ألف دينار ونتسبب فيها قالوا: نعم الرأي فأخذت المال وقسمته نصفين ودفنت ثلاثة آلاف دينار. وأما الثلاثة آلاف دينار الأخرى فأعطيت كل واحد منهم ألف دينار وجهزنا بضائع واكترينا مركباً ونقلنا فيها حوائجنا وسافرنا مدة شهر كامل إلى أن دخلنا مدينة وبعنا بضائعنا فربحنا في الدينار عشرة دنانير ثم أردنا السفر فوجدنا على شاطئ البحر جارية فقبلت يدي وقالت: يا سيدي هل عندك إحسان ومعروف أجازيك عليهما؟ قلت: نعم فقالت: يا سيدي تزوجني وخذني إلى بلادك فإني قد وهبتك نفسي فافعل معي معروفاً لأني ممن يصنع معه المعروف والإحسان، ويجازي عليهما ولا يغرنك حالي. فلما سمعت كلامها حن قلبي إليها لأمر يريده الله عز وجل، فأخذتها وكسوتها وفرشت لها في المركب فرشاً حسناً وأقبلت عليها وأكرمتها ثم سافرنا وقد أحبها قلبي محبة عظيمة وصرت لا أفارقها ليلاً ولا نهاراً و اشتغلت بها عن إخوتي، فغاروا مني وحسدوني على مالي وكثرت بضاعتي وطمحت عيونهم في المال جميعه، وتحدثوا بقتلي وأخذ مالي وزين لهم الشيطان أعمالهم فجاؤوني وأنا نائم بجانب زوجتي ورموني في البحر فلما استيقظت زوجتي انتفضت فصارت عفريتة وحملتني وأطلعتني على جزيرة وغابت عني قليلاً وعادت إلي عند الصباح، وقالت لي: أنا زوجتك التي حملتك ونجيتك من القتل بإذن الله تعالى، واعلم أني جنية رأيتك فاحبك قلبي وأنا مؤمنة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم فجئتك بالحال الذي رأيتني فيه فتزوجت بي وها أنا قد نجيتك من الغرق، وقد غضبت على إخوتك ولا بد أن أقتلهم. فلما سمعت حكايتها تعجبت وشكرتها على فعلها وقلت لها أما هلاك إخوتي فلا ينبغي ثم حكيت لها ما جرى لي معهم. فلما سمعت كلامي قالت: أنا في هذه الليلة أطير إليهم وأغرق مراكبهم وأهلكهم، فقلت لها: بالله لا تفعلي فإن صاحب المثل يقول: يا محسناً لمن أساء كفي المسيء فعله وهم إخوتي على كل حال، قالت لا بد من قتلهم، فاستعطفتها ثم أنها حملتني وطارت، فوضعتني على سطح داري ففتحت الأبواب وأخرجت الذي خبأته تحت الأرض وفتحت دكاني بعد ما سلمت على الناس واشتريت بضائع، فلما كان الليل، دخلت داري فوجدت هاتين الكلبتين مربوطتين فيها، فلما رأياني قاما إلي وبكيا وتعلقا بي، فلم أشعر إلا وزوجتي قالت هؤلاء إخوتك فقلت من فعل بهم هذا الفعل قالت أنا أرسلت إلى أختي ففعلت بهم ذلك وما يتخلصون إلا بعد عشر سنوات، فجئت وأنا سائر إليها تخلصهم بعد إقامتهم عشر سنوات، في هذا الحال، فرأيت هذا الفتى فأخبرني بما جرى له فأردت أن لا أبرح حتى أنظر ما يجري بينك وبينه وهذه قصتي. قال الجني: إنها حكاية عجيبة وقد وهبت لك ثلث دمه في جنايته فعند ذلك تقدم الشيخ الثالث صاحب البغلة، وقال للجني أنا أحكي لك حكاية أعجب من حكاية الاثنين، وتهب لي باقي دمه وجنايته، فقال الجني نعم فقال الشيخ أيها السلطان ورئيس الجان إن هذه البغلة كانت زوجتي سافرت وغبت عنها سنة كاملة، ثم قضيت سفري وجئت إليها في الليل فرأيت عبد أسود راقدا معها في الفراش وهما في كلام وغنج وضحك وتقبيل وهراش فلما رأتني عجلت وقامت إلي بكوز فيه ماء فتكلمت عليه رشتني، وقالت اخرج من هذه الصورة إلى صورة كلب فصرت في الحال كلباً فطردتني من البيت فخرجت من الباب ولم أزل سائراً، حتى وصلت دكان جزار فتقدمت وصرت آكل من العظام. فلما رآني صاحب الدكان أخذني ودخل بي بيته فلما رأتني بنت الجزار غطت وجهها مني وقالت أتجيء لنا برجل وتدخل علينا به فقال أبوها أين الرجل قالت إن هذا الكلب سحرته امرأة وأنا أقدر على تخليصه فلما سمع أبوها كلامها قال: عليك يا ابنتي خلصيه فأخذت كوزاً فيه ماء وتكلمت عليه ورشت علي منه قليلاً وقالت: اخرج من هذه الصورة إلى صورتك الأولى، فصرت إلى صورتي الأولى فقبلت يدها وقلت لها: أريد أن تسحري زوجتي كما سحرتني فأعطتني قليلاً من الماء، وقالت إذا رأيتها نائمة فرش هذا الماء عليها تصير كما أنت طالب فوجدتها نائمة فرششت عليها الماء، وقلت اخرجي من هذه الصورة إلى صورة بغلة فصارت في الحال بغلة وهي هذه التي تنظرها بعينك أيها السلطان ورئيس ملوك الجان، فلما فرغ من حديثه اهتز الجني من الطرب ووهب له باقي دمه وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. فقالت لها أختها: يا ما أحلى حديثك وأطيبه وألذه وأعذبه فقالت:وأين هذا مما سأحدثكم به الليلة المقبلة إن عشت وأبقاني الملك فقال الملك: والله لا أقتلها حتى أسمع بقية حديثها لأنه عجيب ثم باتوا تلك الليلة متعانقين إلى الصباح . | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 12/9/2010, 00:12 | |
| الليلة الثالثة ...........................
قالت لها دنيازاد أتمي حديثك فقالت حباً وكرامة بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر أقبل على الشيوخ وشكرهم وهناؤه بالسلامة ورجع كل واحد إلى بلده وما هذا بأعجب من حكاية الصياد فقال لها الملك: وما حكاية الصياد؟ قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان هناك رجل وكان طاعناً في السن وله زوجة وثلاثة أولاد وهو فقير الحال وكان من عادته أنه يرمي شبكته كل يوم أربع مرات لا غير ثم أنه خرج يوماً من الأيام في وقت الظهر إلى شاطئ البحر وحط مقطفه وطرح شبكته وصبر إلى أن استقرت في الماء ثم جمع خيطانها فوجدها ثقيلة فجذبها فلم يقدر على ذلك فذهب بالطرف إلى البر ودق وتداً وربطها فيه ثم تعرى وغطس في الماء حول الشبكة وما زال يعالج حتى أطلعها ولبس ثيابه وأتى إلى الشبكة فوجد فيها حماراً ميتاً فلما رأى ذلك حزن وقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قال أن هذا الرزق عجيب وأنشد يقول: يا خائضاً في ظلام الليل والهـلـكة أقصر عناك فليس الرزق بالحركة ثم أن الصياد لما رأى الحمار الميت خلصه من الشبكة وعصرها، فلما فرغ من عصرها نشرها وبعد ذلك نزل البحر، وقال بسم الله وطرحها فيه وصبر عليها حتى استقرت ثم جذبها فثقلت ورسخت أكثر من الأول فظن أنه سمك فربط الشبكة وتعرى ونزل وغطس، ثم عالجها إلى أن خلصها وأطلعها إلى البر فوجد فيها زيراً كبيراً، وهو ملآن برمل وطين فلما رأى ذلك تأسف ثم إنه رمى الزير وعصر شبكته ونظفها واستغفر الله وعاد إلى البحر ثالث مرة ورمى الشبكة وصبر عليها حتى أستقرت وجذبها فوجد فيها شقافة وقوارير فأنشد قول الشاعر: هو الرزق لا حل لديك ولا ربط ولا قلم يجدي عليك ولا خـط ثم أنه رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم أنك تعلم أني لم أرم شبكتي غير أربع مرات وقد رميت ثلاثا، ثم أنه سمى الله ورمى الشبكة في البحر وصبر إلى أن أستقرت وجذبها فلم يطق جذبها وإذا بها أشتبكت في الأرض فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله فتعرى وغطس عليها وصار يعالج فيها إلى أن طلعت الى البر وفتحها فوجد فيها قمقما من نحاس أصفر ملآن وفمه مختوم برصاص عليه طبع خاتم سيدنا سليمان. رآه الصياد فرح وقال هذا أبيعه في سوق النحاس فإنه يساوي عشرة دنانير ذهبا ثم أنه حركه فوجده ثقيلاً فقال: لا بد أني أفتحه وأنظر ما فيه وأدخره في الخرج ثم أبيعه في سوق النخاس ثم أنه أخرج سكينا، وعالج الرصاص إلى أن فكه من القمقم وحطه على الارض وخرج من ذلك القمقم دخان صعد إلى عنان السماء ومشى على وجه الأرض فتعجب غاية العجب وبعد ذلك تكامل الدخان، واجتمع ثم انتفض فصار عفريتاً رأسه في السحاب ورجلاه في التراب ارتعدت فرائصه وتشبكت أسنانه، ونشف ريقه وعمي عن طريقه فلما رآه العفريت قال لا إله إلا الله سليمان نبي الله، فقال العفريت: يا نبي الله لا تقتلني فإني لا عدت أخالف لك قولاً ولا أعصي لك أمراً، فقال له الصياد: أيها المارد أتقول سليمان نبي الله، وسليمان مات من مدة ألف وثمانمائة سنة، ونحن في آخر الزمان فما قصتك، وما حديثك وما سبب دخولك إلى هذا القمقم. فلما سمع المارد كلام الصياد قال: لا إله إلا الله أبشر يا صياد، فقال الصياد: بماذا تبشرني فقال بقتلك في هذه الساعة أشر القتلات وأي شيء يوجب قتلي وقد خلصتك من القمقم ونجيتك من قرار البحر، وأطلعتك إلى البر فقال العفريت: تمن علي أي موتة تموتها، وأي قتلة تقتلها قال الصياد ما ذنبي حتى يكون هذا جزائي منك. قال العفريت اسمع حكايتي يا صياد، قال الصياد: قل وأوجز في الكلام فإن روحي وصلت إلى قدمي. قال اعلم أني من الجن المارقين، وقد عصيت سليمان بن داود وأنا صخر الجني فأرسل الى وزيره آصف بن برخيا وقادني إليه وأنا ذليل على رغم أنفي وأوقفني بين يديه فلما رآني سليمان استعاذ مني وعرض علي الإيمان والدخول تحت طاعته فأبيت فطلب هذا القمقم وحبسني فيه وختم علي بالرصاص وطبعه بالاسم الأعظم، وأمر الجن فاحتملوني وألقوني في وسط البحر فأقمت مائة عام وقلت في قلبي كل من خلصني أغنيته إلى الأبد فمرت المائة عام ولم يخلصني أحد، ودخلت مائة أخرى فقلت من خلصني فتحت له كنوز الأرض، فلم يخلصني أحد فمرت علي أربعمائة عام أخرى فقلت كل من خلصني أقضي له ثلاث حاجات فلم يخلصني أحد فغضبت غضباً شديداً وقلت في نفسي كل من خلصني في هذه الساعة قتلته ومنيته كيف يموت وها أنك قد خلصتني ومنيتك كيف تموت فلما سمع الصياد كلام العفريت قال يا لله العجب انا ما جئت اخلصك الا في هذه الايام قال الصياد للعفريت اعف عن قتلي يعفو الله عنك ولا تهلكني يسلط الله عليك من يهلكك فقال لا بد من قتلك فلما تحقق الصياد منه راجع العفريت وقال اعف عني اكراما لما اعتقتك فقال العفريت وانا ما اقتلك الا لاجل ما خلصتني فقال له الصياد يا شيخ العفاريت اصنع مليحا فتقابلني بالقبيح ولكن لم يكذب المثل حيث قال : . فعلنا جميلاً قابـلـونـا بـضـده وهذا لعمري من فعال الفواجـر ومن يفعل المعروف مع غير أهله يجازى كما جوزي مجير أم عامر فلما سمع كلامه قال لا تطمع فلا بد من موتك، فقال الصياد هذا جني، وأنا إنسي وقد أعطاني الله عقلاً كاملاً وها أنا أدبر أمراً في هلاكه، بحيلتي وعقلي وهو يدبر بمكره وخبثه، ثم قال للعفريت: هل صممت على قتلي قال نعم، فقال له بالاسم الأعظم المنقوش على خاتم سليمان أسألك عن شيء وتصدقني فيه، قال نعم، ثم إن العفريت لما سمع ذكر الاسم الأعظم اضطرب واهتز وقال: اسأل وأوجز، فقال له: كيف كنت في هذا القمقم، والقمقم لا يسع يدك ولا رجلك فكيف يسعك كلك، فقال له العفريت: وهل أنت لا تصدق أنني كنت فيه فقال الصياد لا أصدق حتى أنظر بعيني، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 12/9/2010, 00:13 | |
| الليلة 4 .............................................
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن العفريت انتفض وصار دخاناً صاعداً إلى الجو، ثم اجتمع ودخل في القمقم قليلاً قليلا، وإذا بالصياد قد أسرع وأخذ سدادة الرصاص المختومة وسد بها فم القمقم ونادى العفريت، وقال له: تمن علي أي موتة تموتها لأرمينك في هذا البحر وأبني لي هنا بيتاً وكل من أتى هنا أمنعه أن يصطاد وأقول له هنا عفريت وكل من أطلعه يبين له أنواع الموت ويخيره بينها. فلما سمع العفريت كلام الصياد أراد الخروج فلم يقدر ورأى نفسه محبوساً ورأى عليه طبع خاتم سليمان وعلم أن الصياد ذهب بالقمقم إلى جهة البحر، فلطف المارد كلامه وخضع وقال ما تريد أن تصنع بي يا صياد، قال: ألقيك في البحر إن كنت أقمت فيه ألفاً وثمانمائة عام فأنا أجعلك تمكث إلى أن تقوم الساعة، أما قلت لك أبقيني يبقيك الله ولا تقتلني يقتلك الله فأبيت فقال العفريت افتح لي حتى أحسن إليك فقال له الصياد تكذب يا ملعون، أنا مثلي ومثلك مثل وزير يونان والحكيم روبان. حكاية وزير الملك يونان قال الصياد: اعلم أيها العفريت، أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان في مدينة الفرس وأرض رومان ملك يقال له الملك يونان ذا مال وجنود وبأس وأعوان من سائر الأجناس، وكان في جسده برص قد عجزت فيه الأطباء والحكماء ولم ينفعه من شرب أدوية ولم يقدر أحد من الأطباء أن يداويه. وكان قد دخل مدينة الملك يونان حكيم كبير طاعن في السن يقال له الحكيم روبان وكان عارفاً بالكتب اليونانية والفارسية والرومية والعربية والسريانية وعلم الطب والنجوم وعالماً بأصول حكمتها وقواعد أمورها من منفعتها ومضرتها. عالماً بخواص النباتات والحشائش والأعشاب المضرة والنافع وعرف علم الفلاسفة وحاز جميع العلوم الطبية وغيرها، ثم إن الحكيم لما دخل المدينة وأقام بها أيام سمع خبر الملك وما جرى له في بدنه من البرص الذي ابتلاه الله به وقد عجزت عن مداواته الأطباء وأهل العلوم. فلما بلغ ذلك الحكيم بات مشغولاً، فلما أصبح الصباح لبس ودخل على الملك يونان وأعلمه بنفسه فقال: أيها الملك: بلغني ما اعتراك من هذا الذي في جسدك وأن كثيراً من الأطباء لم يعرفوا الحيلة في زواله وها أنا أداويك أيها الملك ولا أسقيك دواء ولا أدهنك بدهن. فلما سمع الملك يونان كلامه تعجب وقال له: كيف تفعل، فو الله لو ابرأتني أغنيك لولد الولد وأنعم عليك،وكل ما تتمناه فهو لك وتكون نديمي وحبيبي. ثم أنه خلع عليه وأحسن إليه وقال له أتبرئني من هذا المرض بلا دواء ولا دهان؟ قال نعم أبرئك بلا مشقة في جسدك. فتعجب الملك ثم قال له: أيها الحكيم الذي ذكرته لي يكون في أي الأوقات وفي أي الأيام، فأسرع به يا ايها الحكيم ؛ قال له سمعاً وطاعة، ثم نزل من عند الملك واكترى له بيتاً حط فيه كتبه وأدويته وعقاقيره ثم استخرج الأدوية والعقاقير وجعل منها صولجاناً وجوفه وعمل له قصبة وصنع له كرة بمعرفته. فلما صنع الجميع وفرغ منها طلع إلى الملك في اليوم الثاني ودخل عليه وأمره أن يركب إلى الميدان وأن يلعب بالكرة والصولجان وكان معه الأمراء والحجاب والوزراء وأرباب الدولة، فما استقر به الجلوس في الميدان حتى دخل عليه الحكيم روبان وناوله الصولجان وقال له: خذ هذا الصولجان واقبض عليه مثل هذه القبضة وامش في الميدان واضرب به الكرة بقوتك حتى يعرق كفك وجسدك فينفذ الدواء من كفك فيسري في سائر جسدك فإذا عرقت واسرى الدواء فيك فارجع إلى قصرك وادخل الحمام واغتسل فقد برئت. فعند ذلك أخذ الملك يونان ذلك الصولجان من الحكيم ومسكه بيده وركب الجواد وركب الكرة بين يديه وساق خلفها حتى لحقها وضربها بقوة وهو قابض بكفه على قصبة الصولجان، وما زال يضرب به الكرة حتى عرق كفه وسائر بدنه وسرى فيه الدواء من القبضة. وعرف الحكيم روبان أن الدواء سرى في جسده فأمره بالرجوع إلى قصره وأن يدخل الحمام من ساعته، فرجع الملك يونان من وقته وأمر أن يخلو له الحمام فأخلوه له، وتسارع الفراشون وتسابق المماليك وأعدوا للملك قماشا ودخل الحمام واغتسل غسيلاً جيداً ولبس ثيابه داخل الحمام ثم خرج منه وركب إلى قصره ونام فيه. هذا ما كان من أمر الملك يونان، وأما ما كان من أمر الحكيم روبان فإنه رجع إلى داره ، فلما أصبح الصباح طلع إلى الملك واستأذن عليه وأشار إلى الملك بهذه الأبيات: ذهت الفصاحة إذا دعيت لها أبـاً وإذا دعت يوماً سواك لهـا أبـى يا صاحب الوجـه الـذي أنـواره تمحو من الخطب الكوية غياهبا ما زال وجهك مشرقاً متـهـلـلاً فلا ترى وجه الزمان مقطـبـا أوليتني من فضلك المتن الـتـي فعلت بنا فعل السحاب مع الربـا وصرفت جل المال في طلب العلا حتى بلغت من الزمان مـآربـا فلما فرغ من شعره نهض الملك وعانقه وأجلسه بجانبه وخلع عليه الخلع السنية. ولما خرج الملك من الحمام نظر إلى جسده فلم يجد فيه شيئاً من البرص وصار جسده نقياً مثل الفضة البيضاء ففرح بذلك غاية الفرح واتسع صدره وانشرح، فلما أصبح الصباح دخل الديوان وجلس على سرير ملكه ودخل عليه الحجاب وأكابر الدولة ودخل عليه الحكيم روبان، فلما رآه قام إليه مسرعاً وأجلسه بجانبه وإذا بموائد الطعام قد مدت فأكل صحبته وما زال عنده ينادمه طول نهاره. فلما أقبل الليل أعطى الحكيم ألفي دينار غير الخلع والهدايا وأركبه جواده وانصرف إلى داره والملك يونان يتعجب من صنعه ويقول: هذا داواني من ظاهر جسدي ولم يدهني بدهان، فو الله ما هذه إلا حكمة بالغة، فيجب علي لهذا الرجل الإنعام والإكرام وأن أتخذه جليساً وأنيساً مدى الزمان. وبات الملك يونان مسروراً فرحاً بصحة جسمه وخلاصه من مرضه. فلما أصبح الملك وجلس على كرسيه ووقف أرباب دولته بين يديه وجلس الأمراء والوزراء على يمينه ويساره ثم طلب الحكيم روبان فدخل عليه فقام له الملك وأجلسه بجانبه وخلع عليه وأعطاه، ولم يزل يتحدث معه إلى أن أقبل الليل فرسم له بخمس خلع وألف دينار، ثم انصرف الحكيم إلى داره وهو شاكر للملك. فلما أصبح الصباح خرج الملك إلى الديوان وقد أحدق به الأمراء والوزراء والحجاب، وكان له وزير من وزرائه بشع المنظر نحس الطالع لئيم بخيل حسود مجبول على الحسد والمقت. فلما رأى ذلك الوزير أن الملك قرب الحكيم روبان وأعطاه هذا الأنعام حسده عليه وأضمر له الشر . ثم أن الوزير تقدم إلى الملك يونان وقال له: أنت الذي شمل الناس إحسانك ولك عندي نصيحة عظيمة فإن أخفيتها عنك أكون ولد زنا، فإن أمرتني أن أبديها أبديتها لك. فقال الملك: وما نصيحتك؟ فقال: أيها الملك فما الدهر له بصاحب، وقد رأيتك على غير صواب حيث أنعم على عدوه وعلى من يطلب زوال ملكه وقد أحسن إليه وأكرمه غاية الإكرام وقربه غاية القرب، وأنا أخشى على الملك من ذلك. فانزعج الملك وتغير لونه وقال له: من الذي تزعم أنه عدوي وأحسنت إليه؟ فقال له: إن كنت نائماً فاستيقظ فأنا أشير إلى الحكيم روبان. فقال له الملك: إن هذا صديقي وهو أعز الناس عندي لأنه داواني بشيء قبضته بين يدي وأبرات من مرضي الذي عجزت فيه الأطباء وهو لا يوجد مثله في هذا الزمان وأنت تقول عليه هذا المقال. وما أظن أنك تقول ذلك إلا حسداً كما بلغني عن الملك السندباد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 12/9/2010, 00:14 | |
| الليلة 5.......................................
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك يونان قال لوزيره ايها الوزير أنت داخلك الحسد من أجل هذا الحكيم فتريد أن أقتله وبعد ذلك أندم كما ندم السندباد على قتل الباز . فقال الوزير: وكيف كان ذلك؟ فقال الملك: ذكر أنه كان ملك ملوك الفرس وكان له بازرباه لا يفارقه ويبيت طوال الليل حامله على يده وإذا طلع إلى الصيد يأخذه معه وهو عامل له طاسة من الذهب معلقة في رقبته يسقيه منها. فبينما الملك جالس وإذا بالوكيل على طير الصيد يقول: يا ملك الزمان هذا أوان الخروج إلى الصيد، فاستعد الملك وأخذ الباز على يده وساروا إلى أن وصلوا إلى واد ونصبوا شبكة الصيد وإذا بغزالة وقعت في تلك الشبكة فقال الملك: من فاتت الغزالة من جهته قتلته، فضيقوا عليها حلقة الصيد وإذا بالغزالة أقبلت على الملك وشبت على رجليها وحطت يديها على صدره كأنها تقبل الأرض للملك فطأطأ الملك للغزالة ففرت من فوق دماغه وراحت إلى البر. فالتفت الملك إلى العسكر فرآهم يتغامزون عليه، فقال: يا وزيري ماذا يقول العساكر فقال: يقولون إنك قلت كل من فاتت الغزالة من جهته يقتل فقال الملك: وحياة رأسي لأتبعنها حتى أجيء بها، ثم طلع الملك في أثر الغزالة ولم يزل ورائها وصار الباز يلطشها على عينيها إلى أن أعماها ودوخها فسحب الملك دبوساً وضربها فقلبها ونزل فذبحها وسلخها وكانت ساعة حر وكان المكان قفراً لم يوجد فيه ماء فعطش الملك وعطش الحصان. فالتفت الملك فرأى شجرة ينزل منها ماء مثل السمن، وكان الملك لابساً في كفه جلداً فأخذ الطاسة في رقبة الباز وملأها من ذلك الماء ووضع الماء قدامه وإذا بالباز لطش الطاسة فقلبها، فأخذ الملك الطاسة ثانياً، وملأها وظن أن الباز عطشان فوضعها قدامه فلطشها ثانياً وقلبها فغضب الملك من الباز وأخذ الطاسة ثالثاً وقدمها للحصان فقلبها الباز بجناحه فقال الملك خيبك الله يا أشأم الطيور أحرمتني من الشرب وأحرمت نفسك وأحرمت الحصان ثم ضرب الباز بالسيف فرمى أجنحته. فصار الباز يقيم رأسه يقول بالإشارة انظر الذي فوق الشجرة فرفع الملك عينه فرأى حية والذي يسيل هو سمها فندم الملك على قص أجنحة الباز ثم قام وركب حصانه حتى وصل الى مكانه الاول فالقى الغزالة الى الطباخ ثم جلس على الكرسي والباز على يده فشهق الباز ومات فصاح الملك حزناً وأسفاً على قتل الباز. فلما سمع الوزير كلام الملك يونان قال له: أيها الملك العظيم الشأن وما الذي فعلته من الضرر ورأيت منه سوءا إنما افعل معك هذا شفقة عليك وستعلم صحة ذلك فإن قبلت مني نجوت وإلا هلكت كما هلك وزير كان قد احتال على ابن ملك من الملوك، وكان لذلك الملك ولد مولع بالصيد وكان له وزيراً، فأمر الملك ذلك الوزير أن يكون مع ابنه أينما توجه فخرج يوماً من الأيام، إلى الصيد وخرج معه وزير أبيه فسارا جميعاً فنظرا إلى وحش كبير فقال الوزير لابن الملك دونك هذا الوحش فاطلبه فقصده ابن الملك، حتى غاب عن العين وغاب عنه الوحش في البرية، وتحير ابن الملك فلم يعرف أين يذهب وإذا بجارية على رأس الطريق تبكي فقال لها ابن الملك ومن أنت: قالت بنت ملك من ملوك الهند وكنت في البرية فأدركني النعاس، فوقعت من فوق الدابة ولم أعلم بنفسي فصرت منقطعة حائرة. فلما سمع ابن الملك كلامها رق لحالها وحملها على ظهر دابته وسار حتى مر بجزيرة فقالت له الجارية: يا سيدي أريد أن أزيل ضرورة فأنزلها إلى الجزيرة ثم تعوقت فاستبطأها فدخل خلفها وهي لا تعلم به، فإذا هي غولة وهي تقول لأولادها يا أولادي قد أتيتكم اليوم بغلام سمين فقالوا لها أتينا به يا أمنا نأكله في بطوننا. فلما سمع ابن الملك كلامهم أيقن بالهلاك وارتعد فرائضه وخشي على نفسه ورجع فخرجت الغولة فرأته كالخائف الوجل وهو يرتعد فقالت له: ما بالك خائفاً، فقال لها أن لي عدواً، وأنا خائف منه فقالت الغولة إنك تقول أنا ابن الملك قال لها نعم، قالت له مالك لا تعطي عدوك شيئاً من المال، فترضيه به، فقال لها أنه لا يرضى بمال ولا يرضى إلا بالروح وأنا خائف منه، وأنا رجل مظلوم فقالت له: إن كنت مظلوماً كما تزعم فاستعن بالله عليه بأنه يكفيك شره. فرفع ابن الملك رأسه إلى السماء وقال: يا من يجيب دعوة المضطر، إذا دعاه ويكشف السوء انصرني على عدوي واصرفه عني، إنك على ما تشاء قدير فلما سمعت الغولة دعاءه، انصرفت عنه وانصرف ابن الملك إلى أبيه، وحدثه بحديث الوزير وأنت أيها الملك متى آمنت لهذا الحكيم قتلك أقبح القتلات.ثم ان الملك يونان قال لوزيره: أيها الوزير كيف العمل فيه، فقال له الوزير: أرسل إليه في هذا الوقت واطلبه، فإن حضر فاضرب عنقه فتكفيء شره وتستريح منه واغدر به قبل أن يغدر بك، فقال الملك يونان صدقت أيها الوزير ثم إن الملك أرسل إلى الحكيم، فحضر . فلما حضر الحكيم قال له الملك: أتعلم لماذا أحضرتك، فقال الحكيم: لا يعلم الغيب إلا الله تعالى، فقال له الملك: أحضرتك لأقتلك وأعدمك روحك، فتعجب الحكيم من تلك المقالة ، وقال أيها الملك لماذا تقتلني؟ وأي ذنب بدا مني فقال له الملك: قد قيل لي إنك جاسوس وقد أتيت لتقتلني ثم إن الملك صاح على السياف، وقال له اضرب رقبة هذا الغدار، وأرحنا من شره، فقال الحكيم أبقني يبقيك الله ولا تقتلني يقتلك الله فقال الملك للحكيم ، إني لا آمن إلا أن أقتلك فإنك برأتني بشيء أمسكته بيدي فلا آمن أن تقتلني بشيء أشمه أو غير ذلك فقال الحكيم أيها الملك أهذا جزائي منك، تقابل المليح بالقبيح فقال الملك: لا بد من قتلك تحقق الحكيم من صدق الملك بكى وتأسف على ما صنع من الجميل مع غير أهله، كما قيل في المعنى: ميمونة من سمات العقل عارية لكن أبوها من الألباب قد خلقا لم يمش في باريس يوماً ولا وحل إلا بنور هداه يتقى الـزلـفـا بعد ذلك تقدم السياف والحكيم يبكي ويقول للملك: أبقني يبقيك الله ولا تقتلني يقتلك الله، وأنشد قول الشاعر: نصحت فلم أفلح وغشوا فأفلـحـوا فأوقعني نصـحـي بـدار هـوان فإن عشت لا أنصح وإن مت فأنع لي ذوي النصح من بعدي بكل لـسـان ثم إن الحكيم قال للملك أيكون هذا جزائي منك، فتجازيني مجازاة التمساح قال الملك: وما حكاية التمساح، فقال الحكيم لا يمكنني أن أقولها، وأنا في هذا الحال فبالله عليك أبقني يبقيك الله، ثم إن الحكيم بكى بكاء شديداً فقام بعض خواص الملك وقال أيها الملك هب لنا دم هذا الحكيم، لأننا ما رأيناه فعل معك ذنباً إلا أبراك من مرضك الذي أعياه الأطباء والحكماء. فلما تحقق الحكيم أيها العفريت أن الملك قاتله لا محالة قال أيها الملك إن كان ولا بد من قتلي فأمهلني حتى أنزل إلى داري فأخلص وأوصي أهلي وجيراني أن يدفنوني وأهب كتب الطب وعندي كتاب خاص الخاص أهبه لك هدية تدخره في خزانتك، فقال الملك للحكيم وما هذا الكتاب قال: فيه شيء لا يحصى وأقل ما فيه من الأسرار إذا قطعت رأسي وفتحته وعددت ثلاث ورقات ثم تقرأ ثلاثة أسطر من الصحيفة التي على يسارك فإن الرأس تكلمك وتجاوبك على جميع ما سألتها عنه.
فتعجب الملك وقال أيها الحكيم: وهل إذا قطعت رأسك تكلمت فقال نعم أيها الملك، ثم أن الملك أرسله مع المحافظة عليه، فنزل الحكيم إلى داره وقضى أشغاله في ذلك اليوم وفي اليوم الثاني طلع الملك إلى الديوان وإذا بالحكيم يدخل ويقف امامه ومعه كتاب عتيق ومكحلة فيها ذرور، وجلس وقال ائتوني بطبق، فأتوه بطبق وكتب فيه الذرور وفرشه وقال: أيها الملك خذ هذا الكتاب ولا تعمل به، حتى تقطع رأسي فإذا قطعتها فاجعلها في ذلك الطبق وأمر بكبسها على ذلك الذرور فإذا فعلت ذلك فإن دمها ينقطع، ثم افتح الكتاب ففتحه الملك فوجده ملصوقاً فحط إصبعه في فمه وبله بريقه وفتح أول ورقة والثانية والثالثة والورق لا ينفتح إلا بجهد، ففتح الملك ست ورقات ونظر فيها فلم يجد كتابة فقال الملك: أيها الحكيم ما فيه شيء مكتوب فقال الحكيم قلب زيادة على ذلك فقلب فيه زيادة فلم يكن إلا قليلاً من الزمان حتى سرى فيه السم لوقته وساعته فإن الكتاب كان مسموماً فعند ذلك تزحزح الملك وصاح وقد سرى فيه السم، فأنشد الحكيم: تحكموا فاستطالوا في حكومتهـم وعن قليل كان الحكم لـم يكـن لو أنصفوا أنصفوا لكن بغوا فبغى عليهم الدهر بالآفات والمـحـن وأصبحوا ولسان الحال ينشـدهـم هذا بذاك ولا عتب على الزمـن | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 22:58 | |
| الليلة 6 قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصياد لما قال للعفريت لو أبقيتني كنت أبقيتك، لكن ما أردت إلا قتلي فأنا أقتلك محبوساً في هذا القمقم، وألقيك في هذا البحر ثم صرخ المارد وقال بالله عليك أيها الصياد لا تفعل وأبقني كرماً ولا تؤاخذني بعملي، فإذا كنت أنا مسيئاً كن أنت محسناً ولا تعمل كما عمل أمامة مع عاتكة. قال الصياد وما شأنهما، فقال العفريت ما هذا وقت حديث وأنا في السجن حتى تطلعني منه وأنا أحدثك بشأنهما فقال الصياد لا بد من إلقائك في البحر ولا سبيل إلى إخراجك منه ثم قوى قلبه وقال: أيها العفريت قال الله تعالى: وأوفوا بالعهد، إن العهد كان مسؤولاً وأنت قد عاهدتني وحلفت أنك لا تغدر بي فإن غدرت بي يغدر بك الله فإنه غيور يمهل ولا يهمل، وأنا قلت لك مثل ما قاله الحكيم رويان للملك يونان أبقني يبقيك الله. فضحك العفريت ومشى قدامه، وقال أيها الصياد اتبعني فمشى الصياد وراءه وهو لم يصدق بالنجاة إلى أن خرجا من ظاهر المدينة وطلعا على جبل ونزلا إلى برية مقسمة وإذا في وسطها بركة ماء، فوقف العفريت عليها وأمر الصياد أن يطرح الشبكة ويصطاد، فنظر الصياد إلى البركة، وإذا بهذا السمك ألواناً،منها الأبيض والأحمر والأزرق والأصفر، فتعجب الصياد من ذلك ثم أنه طرح شبكته فوجد فيها أربع سمكات، كل سمكة بلون. فقال له العفريت ادخل بها إلى السلطان وقدمها إليه، فإنه يعطيك ما يغنيك وبالله أقبل عذري فإنني في هذا الوقت لم أعرف طريقاً وأنا في هذا البحر مدة ألف وثمانمائة عام، ما رأيت ظاهر الدنيا إلا في هذه الساعة ولا تصطاد منها كل يوم إلا مرة واحدة واستودعك الله، ثم دق الأرض بقدميه فانشقت وابتلعته ومضى الصياد إلى المدينة وهو متعجب مما جرى له مع هذا العفريت ثم أخذ السمك ودخل به منزله وأتى بمأجور ثم ملأه ماء وحط فيه السمك فاختبط السمك من داخل المأجور في الماء ثم حمل المأجور فوق رأسه وقصد به قصر الملك كما أمره العفريت. فلما طلع الصياد إلى الملك وقدم له السمك تعجب الملك غاية العجب من ذلك السمك الذي قدمه إليه لأنه لم ير في عمره مثله صفة ولا شكلاً، فقالوا: ألقوا هذا السمك للجارية الطباخة فأمرها الوزير أن تقليه، وقال لها يا جارية إن المثل يقول ما ادخرت دمعتي إلا لشدتي ففرجينا اليوم على طهيك وحسن طبيخك فإن هذا السمك هدية جاء بها واحد الى السلطان ثم رجع الوزير بعدما أوصاها فأمره الملك أن يعطي الصياد أربعمائة دينار فأعطاه الوزير إياها فأخذها في حجره وتوجه إلى منزله لزوجته، وهو فرحان مسرور ثم اشترى لعياله ما يحتاجون إليه هذا ما كان من أمر الصياد. وأما ما كان من أمر الجارية فإنها أخذت السمك ونظفته ورصته، في الطاجن ثم إنها تركت السمك حتى استوى وجهه وقلبته على الوجه الثاني، وإذا بحائط المطبخ قد انشقت وخرجت منها صبية رشيقة القد أسيلة الخد كاملة الوصف وفي معاصمها أساور وفي أصابعها خواتم بالفصوص المثمنة وفي يدها قضيب من الخيزران فغرزت القضيب في الطاجن وقالت: يا سمك هل أنت على العهد القديم مقيم، فلما رأت الجارية هذا غشي عليها وقد أعادت الصبية القول ثانياً وثالثاً فرفع السمك رأسه في الطاجن وقال: نعم، نعم ثم قال جميعا هذا البيت: إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا وإن هجرت فإنا قد تكافـينـا فعند ذلك قلبت الصبية الطاجن وخرجت من الموضع الذي دخلت منه والتحمت حائط المطبخ ثم قامت الجارية فرأت الأربع سمكات محروقة مثل الفحم الأسود، فقالت الجارية من أول غزوته حصل كسر عصبته فبينما هي تعاقب نفسها، وإذا بالوزير واقف على رأسها، وقال لها هاتي السمك للسلطان فبكت الجارية وأعلمت الوزير بالحال وبالذي جرى فتعجب الوزير من ذلك وقال ما هذا الا امر عجيب ثم أنه أرسل إلى الصياد فأتوا به إليه، فقال له أيها الصياد لا بد أن تجيء لنا بأربع سمكات مثل التي جئت بها أولاً. فخرج الصياد إلى البركة وطرح شبكته ثم جذبها وإذا بأربع سمكات، فأخذها وجاء بها إلى الوزير، فدخل بها الوزير إلى الجارية وقال لها قومي اقليها قدامي، حتى أرى هذه القصة فقامت الجارية وأصلحت السمك، ووضعته في الطاجن على النار فما استقر إلا قليلاً وإذا بالحائط قد انشقت، والصبية قد ظهرت وهي لابسة ملبسها وفي يدها القضيب فغرزته في الطاجن وقالت: يا سمك يا سمك هل أنت على العهد القديم مقيم، فرفعت السمكات رؤوسها وأنشدت البيت السابق . وادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 22:59 | |
| الليلة 7 قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه لما تكلم السمك قلبت الطاجن بالقضيب وخرجت من الموضع الذي جاءت منه والتحم الحائط، فعند ذلك قام الوزير وقال: هذا أمر لا يمكن إخفاؤه عن الملك،و ثم أنه تقدم إلى الملك وأخبره بما جرى قدامه فقال الملك: لا بد أن أنظر بعيني، فأرسل إلى الصياد وأمره أن يأتيني بأربع سمكات مثل الأولى وأمهله ثلاثة أيام. فذهب الصياد إلى البركة وأتاه بالسمك في الحال. فأمر الملك أن يعطوه أربعمائة دينار. ثم التفت الملك إلى الوزير وقال له: شو أنت السمك هنا قدامي فقال الوزير سمعاً وطاعة، فأحضر الطاجن ورمى فيه السمك وإذا بالحائط قد انشقت وخرج منها عبد أسود كأنه ثور من الثيران أو من قوم عاد وفي يده فرع من شجرة خضراء وقال: يا سمك يا سمك هل أنت على العهد القديم مقيم؟ فرفع السمك رأسه من الطاجن وقال: نعم نعم البيت الذي سمعناه: ثم أقبل العبد على الطاجن وقلبه إلى أن صار فحماً أسود، ثم ذهب من حيث أتى، فلما غاب العبد عن أعينهم قال الملك: هذا أمر لا يمكن السكوت عنه، ولا بد أن هذا السمك له شأن غريب، فأمر بإحضار الصياد، فلما حضر قال له: من أين هذا السمك فقال له من بركة بين أربعة جبال وراء هذا الجبل الذي بظاهر مدينتك، فالتفت الملك إلى الصياد وقال له: مسيرة كم يوم، قال له يا مولانا السلطان مسيرة نصف ساعة. فتعجب السلطان وأمر بخروج العسكر مع الصياد فصار الصياد يلعن العفريت وساروا إلى أن طلعوا الجبل ونزلوا منه إلى برية متسعة لم يروها مدة أعمارهم والسلطان وجميع العسكر يتعجبون من تلك البرية التي نظروها بين أربع جبال والسمك فيها على أربعة ألوان أبيض وأحمر وأصفر وأزرق. فوقف الملك متعجباً وقال للعسكر ولمن حضر: هل أحد رأى هذه البركة في هذا المكان، فقالوا كلهم لا، فقال الملك: والله لا أدخل مدينتي ولا أجلس على تخت ملكي حتى أعرف حقيقة هذه البركة وسمكها. ثم أمر الناس بالنزول حول هذه الجبال فنزلوا، ثم دعا بالوزير وكان وزيراً خبيرا عاقلا لبيبا عالماً بالأمور، فلما حضر قال له: إني أردت أن أعمل شيئاً فأخبرك به وذلك أنه خطر ببالي أن أنفرد بنفسي في هذه الليلة وأبحث عن خبر هذه البركة وسمكها، فاجلس على باب خيمتي وقل للأمراء والوزراء والحجاب أن السلطان متشوش وأمرني أن لا آذن لأحد في الدخول عليه ولا تعلم أحدا بقصدي، فلم يقدر الوزير على مخالفته. ثم أن الملك غير حالته وتقلد سيفه وانسل من بينهم ومشى بقية ليله إلى الصباح، فلم يزل سائراً حتى اشتد عليه الحر فاستراح ثم مشى بقية يومه وليلته الثانية إلى الصباح فلاح له سواد من بعد ففرح وقال: لعلي أجد من يخبرني بقصة البركة وسمكها، فلما قرب من السواد وجده قصراً مبنياً بالحجارة السود مصفحاً بالحديد وأحد شقي بابه مفتوح والآخر مغلق. ففرح الملك ووقف على الباب ودق دقاً لطيفاً فلم يسمع جواباً، فدق ثانياً وثالثاً فلم يسمع جواباً، فدق رابعاً دقاً مزعجاً فلم يجبه أحد، فقال لا شك أنه خال، فشجع نفسه ودخل من باب القصر إلى دهليز ثم صرخ وقال: يا أهل القصر إني رجل غريب وعابر سبيل، هل عندكم شيء من الزاد؟ وأعاد القول ثانياً وثالثاً فلم يسمع جواباً، فقوى قلبه وثبت نفسه ودخل من الدهليز إلى وسط القصر فلم يجد فيه أحدا، غير أنه مفروش وفي وسطه فسقية عليها أربع سباع من الذهب الاحمر تلقي الماء من أفواهها كالدر والجواهر وفي دائره طيور وعلى هذا القصر شبكة تمنعها من الطلوع، فتعجب من ذاك وتأسف حيث لم ير فيه أحد يستخبر منه عن تلك البركة والسمك والجبال والقصر، ثم جلس بين الأبواب يتفكر وإذا هو بأنين يترنم بهذا الشعر: لما خفيت ضنى ووجدي قد ظهر والنوم من عيني تبدل بالسهـر ناديت وجداً قد تزايد بي الفكـر يا وجد لا تبقى علـي ولا تـذر ها مهجتي بين المشقة والخطر فلما سمع السلطان ذلك الأنين نهض قائماً وقصد جهته فوجد ستراً مسبولاً على باب مجلس فرفعه فرأى خلف الستر شاباً جالساً على سرير مرتفع عن الأرض ، وهو شاب مليح بقد رجيح ولسان فصيح وشامة على كرسي خده كترس من عنبر ففرح به الملك وسلم عليه والصبي جالس ، فرد السلام على الملك وقال له: يا سيدي اعذرني عن عدم القيام، فقال الملك: أيها الشاب أخبرني عن هذه البركة وعن سمكها الملون وعن هذا القصر وسبب وحدتك فيه وما سبب بكائك؟ فلما سمع الشاب هذا الكلام نزلت دموعه على خده وبكى بكاء شديداً، فتعجب الملك وقال: ما يبكيك أيها الشاب؟ فقال كيف لا أبكي وهذه حالتي، ومد يده إلى أذياله فرفعها فإذا نصفه التحتاني إلى قدميه حجر ومن صرته إلى شعر رأسه بشر. ثم قال الشاب: اعلم أيها الملك أن لهذا السمك أمراً عجيباً كان والدي ملك هذه المدينة وكان اسمع محمود صاحب الجزائر السود وصاحب هذه الجبال الأربعة أقام في الملك سبعين عاماً ثم توفي والدي وتسلطنت بعده وتزوجت بابنة عمي وكانت تحبني محبة عظيمة بحيث إذا غبت عنها لا تأكل ولا تشرب حتى تراني، فمكثت في عصمتي خمس سنين إلى أن ذهبت يوماً من الايام إلى الحمام فأمرت الطباخ أن يجهز لنا طعاماً لأجل العشاء، ثم دخلت هذا القصر ونمت في الموضع الذي أنا فيه وأمرت جاريتين أن يروحا على وجهي فجلست واحدة عند رأسي والأخرى عند رجلي وقد قلقت لغيابها ولم يأخذني نوم غير أن عيني كانت مغمضة ونفسي يقظانة. فسمعت التي عند رأسي تقول للتي عند رجلي يا مسعودة إن سيدنا مسكين شبابه ويا خسارته مع سيدتنا الخبيثة الخاطئة. فقالت الأخرى: لعن الله الزانيات ولكن مثل سيدنا وأخلاقه لا يصلح لهذه الزانية التي كل ليلة تبيت في غير فراشه. فقالت التي عند رأسي: إن سيدنا مغفل حيث لم يسأل عنها. فقالت الأخرى ويلك وهل عند سيدنا علم بحالها أو هي تفعل ذلك باختياره بل هي تعمل له عملاً في قدح الشراب الذي يشربه كل ليلة قبل المنام فتضع فيه البنج فينام ولا يشعر بما يجري ولم يعلم أين تذهب ولا ماذا تصنع لأنها بعدما تسقيه الشراب تلبس ثيابها وتخرج من عنده فتغيب إلى الفجر وتأتي إليه وتبخره عند أنفه بشيء فيستيقظ من منامه. فلما سمعت كلام الجواري صار الضياء في وجهي ظلاماً وما صدقت أن الليل اقبل وجاءت بنت عمي من الحمام فمددنا السماط وأكلنا وجلسنا ساعة زمنية نتنادم كالعادة ثم دعوت بالشراب الذي أشربه عند المنام فناولتني الكأس فراوغت عنه وجعلت اني أشربه مثل عادتي ودلقته في عبي ورقدت في الوقت والساعة وإذا بها تقول: نم ليتك لم تقم، والله كرهتك وكرهت صورتك وملت نفسي من عشرتك. ثم قامت ولبست أخفر ثيابها وتبخرت وتقلدت سيفاً وفتحت باب القصر وخرجت. فقمت وتبعتها حتى خرجت من القصر وشقت في أسواق المدينة إلى أن انتهت إلى أبواب المدينة فتكلمت بكلام لا أفهمه فتساقطت الأقفال وانفتحت الأبواب وخرجت وأنا خلفها وهي لا تشعر حتى انتهت إلى ما بين الكيمان وأتت حصناً فيه قبة مبنية بطين لها باب فدخلته هي وصعدت أنا على سطح القبة وأشرفت عليها اذا بها قد دخلت على عبد أسود فقبلت الأرض بين يديه. فرفع ذلك العبد رأسه وقال لها: ويلك ما سبب قعودك إلى هذه الساعة كان عندنا السود وشربوا الشراب وسار كل واحد بعشيقته وأنا ما رضيت أن أشرب ، فقالت: يا سيدي وحبيب قلبي أما تعلم أني متزوجة بابن عمي وأنا أكره النظر في صورته وأبغض نفسي في صحبته، ولولا أني أخشى على خاطرك لكنت قد جعلت المدينة خراباً يصيح فيها البوم والغراب. فقال العبد: تكذبين يا عاهرة وأنا أحلف وحق فتوة السود وإلا تكون مروءتنا مروءة البيض. إن بقيت تقعدي إلى هذا الوقت مثل هذا اليوم لا أصاحبك ولا أضع جسدي على جسدك، يا خائنة تغيبين علي من أجل شهوتك يا منتنة يا أخس البيض. قال الملك: فلما سمعت كلامها وأنا أنظر بعيني ما جرى بينهما صارت الدنيا في وجهي ظلاماً وصارت بنت عمي واقفة تبكي إليه وتتذلل بين يديه وتقول له: يا حبيبي وثمرة فؤادي يا حبيبي يا نور عيني. وما زالت تبكي وتتضرع له حتى رضي عليها ففرحت وقامت وخلعت ثيابا ولباسها وقالت له: يا سيدي هل عندك ما تأكله جاريتك، فقال لها قومي لهذه القوارة تجدي فيها بوظة فاشربيها. فقامت وأكلت وشربت وغسلت يديها، وجاءت فرقدت مع العبد على قش القصب وتعرت ودخلت معه تحت الهدمة فلما نظرت الى هذه الفعال التي فعلتها بنت عمي غبت عن الوجود فنزلت من فوق اعلى القبة ودخلت واخذت السيف من بنت عمي وهممت ان اقتل الاثنين فضربت العبد على رقبته فظننت انه قد قضى عليه وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 23:00 | |
| الليلة 8 قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشاب المسحور قال للملك: لما ضربت العبد لأقطع رأسه قطعت الحلقوم والجلد واللحم فظننت أني قتلته فشخر شخيراً عالياً فتحركت بنت عمي وقامت بعد ذهابي فأخذت السيف وردته إلى موضعه وأتت المدينة ودخلت القصر ورقدت في فراشي إلى الصباح، ورأيت بنت عمي في ذلك اليوم قد قطعت شعرها ولبست ثياب الحزن وقالت: يا ابن عمي لا تلمني فيما أفعله، فإنه بلغني أن والدتي توفيت وأن والدي قتل في الجهاد، وأن أخوي أحدهما مات ملسوعاً وبعد السنة قالت لي أريد أن أبني لي في قصرك مدفناً مثل القبة وأنفرد فيه بالأحزان أسميه بيت الأحزان. فقلت لها افعلي ما بدا لك فبنيت لها بيتاً للحزن في وسطه قبة ومدفن ثم نقلت العبد وأنزلته فيه وهو ضعيف جداً لا ينفعها بنافعة لكنه يشرب الشراب، ومن اليوم الذي جرحته فيه ما تكلم إلا أنه حي لأن أجله لم يفرغ فصارت كل يوم تدخل عليه القبة بكرة وعشياً وتبكي عنده، وتعدد عليه وتسقيه الشراب ولم تزل على هذه الحالة وأنا أطول بالي عليها إلى أن دخلت عليها يوماً من الأيام، على غفلة فوجدتها تبكي وتلطم وجهها وتقول هذه الأبيات: عدمت وجودي في الورى بعد بعدكم فإن فـؤادي لا يحـب سـواكـم خذوا كرماً جسمي إلى أين ترتمـوا وأين حللتم فادفنـونـي حـداكـم وإن تذكروا اسمي عند قبري يجيبكم أنين عظامي عند صوت نـداكـم فلما فرغت من شعرها قلت لها وسيفي مسلول في يدي: هذا كلام الخائنات اللاتي ينكرن العشره، ولا يحفظن الصحبة وأردت أن أضربها فرفعت يدي في الهواء فقامت وقد علمت أني أنا الذي جرحت العبد قامت على قدميها وتكلمت بكلام لا أفهمه، وقالت جعل الله بسحري نصفك حجراً ونصفك الآخر بشراً، فصرت كما ترى وبقيت لا أقوم ولا أقعد ولا أنا ميت ولا أنا حي. فلما صرت هكذا سحرت المدينة وما فيها من الأسواق والغبطان وكانت مدينتنا أربعة أصناف مسلمين ونصارى ويهود ومجوس فسحرتهم سمكاً، فالأبيض مسلمون والأحمر مجوس والأزرق نصارى والأصفر يهود وسحرت الجزائر الأربع جبال وأحاطتها بالبركة، ثم إنها كل يوم تعذبني، وتضربني بسوط من الجلد مائة ضربة حتى يسيل الدم ثم تلبسني من تحت هذه الثياب ثوباً من الشعر على نصفي الفوقاني ثم أن الشاب بكى وأنشد هذا الشعر: صبراً لحكمك يا إله وللـقـضـا أنا صابر إن كان فيه لك الرضا قد ضقت بالأمر الذي قد نالنـي فوسياني آل النبي المرتـضـى فعند ذلك التفت الملك إلى الشاب وقال له: أيها الشاب لقد زدتني هماً على همي، ثم قال له: وأين تلك المرأة قال في المدفن الذي فيه العبد راقد في القبة وهي تجيء له كل يوم مرة وعند مجيئها تجيء إلى وتجردني من ثيابي وتضربني بالسوط مئة ضربة وأنا أبكي وأصيح ولم يكن في حركة حتى أدفعها عن نفسي ثم بعد أن تعاقبني تذهب إلى العبد بالشراب بكرة النهار. قال الملك: والله يا فتى لأفعلن معك معروفاً أذكر به وجميلاً يؤرخونه سيراً من بعدي، ثم جلس الملك يتحدث معه إلى أن أقبل الليل ثم قام الملك وصبر إلى أن جاء وقت السحر فتجرد من ثيابه وتقلد سيفه ونهض إلى المحل الذي فيه العبد فنظر إلى الشمع والقناديل ورأى البخور والأدهان ثم قصد العبد وضربه فقتله ثم حمله على ظهره ورماه في بئر كانت في القصر، ثم نزل ولبس ثياب العبد والسيف معه مسلول ، فبعد ساعة أتت العاهرة الساحرة وعند دخولها جردت ابن عمها من ثيابه وأخذت سوطاً، وضربته فقال آه يكفيني ما أنا فيه فارحميني فقالت: هل كنت أنت رحمتني وأبقيت لي معشوقي، ثم ألبسته اللباس الشعر والقماش من فوقه ثم نزلت إلى العبد ومعها قدح الشراب ودخلت عليه القبة وبكت وولولت وقالت: يا سيدي كلمني يا سيدي حدثني وأنشدت تقول: فإلى متى هذا التجنب والـجـفـا إن الذي فعل الغرام لقد كـفـى كم قد تطيل الهجر لي معتـمـداً إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى ثم إنها بكت وقالت: يا سيدي كلمني وحدثني فخفض صوته، وعوج لسانه وتكلم بكلام السود وقال: آه لا حول ولا قوة إلا بالله فلما سمعت كلامه صرخت من الفرح وغشي عليها ثم إنها استفاقت وقالت لعل سيدي صحيح، فخفض الملك صوته بضعف وقال: يا عاهرة أنت لا تستحقي أن أكلمك، قالت ما سبب ذلك، قال سببه أنك طول النهار تعاقبين زوجك وهو يصرخ ويستغيث حتى أحرمتيني النوم من العشاء إلى الصباح، ولم يزل زوجك يتضرع ويدعو عليك حتى أقلقني صوته ولولا هذا لكنت تعافيت خلصيه مما هو فيه وأريحينا فقالت: سمعاً وطاعة. ثم قامت وخرجت من القبة إلى القصر وأخذت طاسة ملأتها ماء ثم تكلمت عليها فصار الماء يغلي كما يغلي القدر ثم رشته وقالت: بحق ما تلوته أن تخرج من هذه الصورة إلى صورتك الأولى: فانتفض الشاب وقام على قدميه، وفرح بخلاصه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قالت له: اخرج ولا ترجع إلى هنا وإلا قتلتك وصرخت في وجهه. فخرج من بين يديها وعادت إلى القبة ونزلت وقالت: يا سيدي اخرج إلي حتى أنظرك، فقال لها بكلام ضعيف ان الذي فعلتيه،قد أراحني من الفرع ولكنك لم تريحيني من الأصل، فقالت يا حبيبي وما هو الأصل قال: أهل هذه المدينة والأربع جزائر كل ليلة، إذا انتصف الليل يرفع السمك رأسه ويدعو علي وعليك فهو سبب منع العافية عن جسمي، فخلصيهم وتعالي خذي بيدي، وأقيميني، فقد توجهت إلى العافية فلما سمعت كلام الملك وهي تظنه العبد، قالت له وهي فرحة يا سيدي على رأسي وعيني بسم الله، ثم نهضت وقامت وهي مسرورة تجري وخرجت إلى البركة وأخذت من مائها قليلاً. | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 23:01 | |
| الليلة 9 قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصبية الساحرة، لما أخذت شيئاً من ماء البركة وتكلمت عليه تحرك السمك، ورفع رأسه وصاروا آدميين في الحال، وانفك السحر عن أهل المدينة وصارت المدينة عامرة والأسواق منصوبة، وصار كل واحد في صناعته وانقلبت الجبال جزائر، كما كانت ثم أن الصبية الساحرة رجعت إلى الملك في الحال وهي تظن أنه العبد، وقالت يا حبيبي ناولني يدك الكريمة أقبلها. فقال الملك بكلام خفي: تقربي مني، فدنت منه وقد أخذ صارمه وطعنها به في صدرها حتى خرج من ظهرها وخرج فوجد الشاب المسحور واقفاً في انتظاره فهنأه بالسلامة وقبل الشاب يده وشكره فقال له الملك: اتقعد في مدينتك أن تجيء معي إلى مدينتي؟ فقال الشاب: يا ملك الزمان أتدري ما بينك وبين مدينتك؟ فقال الملك يومان ونصف فعند ذلك قال له الشاب: إن كنت نائماً فاستيقظ إن بينك وبين مدينتك سنة أتيت في يومين ونصف إلا لأن المدينة كانت مسحورة وأنا أيها الملك لا أفارقك لحظة عين. ففرح الملك بقوله ثم تعانقا وفرحا فرحاً شديداً، ثم مشيا حتى وصلا إلى القصر وأخبر الملك الذي كان مسحوراً أرباب دولته أنه مسافر إلى الحج الشريف فهياؤا له جميع ما يحتاج إليه هو والسلطان وقلب السلطان ملتهب على مدينته حيث غاب عنها سنة. ثم سافر ومعه خمسون مملوكاً ومعه الهدايا، ولم يزالا مسافرين ليلاً ونهاراً سنة كاملة حتى أقبلا على مدينة السلطان. فخرج الوزير والعساكر لمقابلته بعدما قطعوا الرجاء منه وأقبلت العساكر وقبلت الأرض بين يديه وهناؤه بالسلامة فدخل وجلس على الكرسي ثم أقبل على الوزير وأعلمه بكل ما جرى على الشاب، فلما سمع الوزير ما جرى هنأه بالسلامة. ولما استقر الحال أنعم السلطان على أناس كثيرون، ثم قال للوزير علي بالصياد الذي أتى بالسمك فأرسل إلى ذلك الصياد الذي كان سبباً لخلاص أهل المدينة فأحضروه وخلع عليه وسأله عن حاله وهل له أولاد فأخبره أن له ابناً وبنتين فتزوج الملك بإحدى بنتيه وتزوج الشاب بالأخرى،. وأخذ الملك الإبن عنده وجعله خازندارا، ثم أرسل الوزير إلى مدينة الشاب التي هي الجزائر السود وقلده سلطنتها وأرسل معه الخمسين مملوكا وارسل معه كثيرا من الخلع لسائر الأمراء. فقبل الوزير يديه وسافر. وأما الصياد فإنه قد صار أغنى أهل زمانه وبناته زوجات الملوك ، وما هذا بأعجب مما جرى للحمال. حكاية الحمال مع البنات كان هناك إنسان من مدينة بغداد وكان اعزب وكان حمالاً. فبينما هو في السوق يوماً من لأيام متكئاً على قفصه إذ وقفت عليه امرأة ملتفة بإزار موصلي من حرير فرفعت قناعها فبان من تحته عيون سوداء بأهداب وأجفان ناعمة الأطراف كاملة الأوصاف، وبعد ذلك قالت هات قفصك واتبعني.فما صدق الحمال بذلك واخذ القفص وتبعها إلى أن وقفت على باب دار فطرقت الباب فنزل رجل نصراني، فأعطته ديناراً وأخذت منه مقداراً من الزيتون وضعته في القفص وقالت له: احمله واتبعني، فقال الحمال: هذا والله نهار مبارك. ثم حمل القفص وتبعها فوقفت عند دكان فاكهاني واشترت منه تفاحاً شامياً وسفرجلاً عثمانياً وخوخاً عمانياً وياسميناً حلبياً وليموناً مصرياً وتمر حنا وشقائق النعمان وبنفسجاً ووضعت الجميع في قفص الحمال وقالت له: احمل، فحمل وتبعها حتى وقفت على جزار وقالت له: اقطع عشرة أرطال لحمة فقطع لها، ولفت اللحم في ورق موز ووضعته في القفص وقالت له: احمل يا حمال فحمل وتبعها، ثم وقفت على النقلي وأخذت من سائر النقل وقالت للحمال: احمل واتبعني فحمل القفص وتبعها إلى أن وقفت على دكان الحلواني واشترت طبقاً وملأته من جميع ما عنده من مشبك وقطايف ووضعت جميع أنواع الحلاوة في الطبق ووضعته في القفص. فقال الحمال: لو أعلمتني لجئت معي ببغل نحمل عليه هذه الأمور، فتبسمت. ثم وقفت على العطار واشترت منه عشرة مياه ماء ورد وماء زهر وأخذت قدراً من السكر وأخذت مرش ماء وحصى لبان ذكر وعودا عنبر ومسكاً وأخذت شمعاً اسكندرانياً ووضعت الجميع في القفص وقالت: احمل قفصك واتبعني، فحمل القفص وتبعها به إلى أن أتت داراً مليحة وقدامها رحبة فسيحة مصفحة بصفائح الذهب الأحمر، فوقفت الصبية على الباب ودقت دقاً لطيفاً وإذا بالباب انفتح . فنظر الحمال إلى من فتح الباب فوجدها صبية رشيقة القد قاعدة النهد ذات حسن وجمال وعيون كعيون الغزلان وحواجب كهلال رمضان وخدود مثل شقائق النعمان وفم كخاتم سليمان ووجه كالبدر في الإشراق ونهدين كرمانتين وبطن مطوي تحت الثياب. فلما نظر الحمال إليها سلبت عقله وكاد القفص أن يقع من فوق رأسه، ثم قال: ما رأيت أبرك من هذا النهار، فقالت الصبية مرحبا وهي من داخل الباب ومشوا حتى انتهوا إلى قاعة فسيحة مزركشة مليحة ذات تراكيب وشاذر وأثاث ومصاطب وخزائن عليها الستور مرخيات، وفي وسط القاعة سرير من المرمر مرصع بالدر والجوهر منصوب عليه ناموسية منا الأطلس الأحمر . فنهضت الصبية من فوق السرير وخطرت قليلاً إلى أن صارت في وسط القاعة عند أختيها وقالت: ما وقوفكن، حطوا عن رأس هذا الحمال المسكين، فجاءت الدلالة من قدامه والبوابة من خلفه، وساعدتهما الثالثة وحططن عن الحمال وأفرغن ما في القفص وصفوا كل شيء في محله وأعطين الحمال دينارين وقلن له: توجه يا حمال، فنظر إلى البنات وما هن فيه من الحسن والطبائع فلم ير أحسن منهن ولكن ليس عندهن رجال. فتعجب غاية العجب ووقف عن الخروج، فقالت له الصبية: ما بالك لا تروح؟ هل أنت استقللت الأجرة، والتفتت إلى أختها وقالت لها: أعطيه ديناراً آخر فقال الحمال: والله يا سيدتي إن أجرتي نصفان، وما استقللت الأجرة وإنما اشتغل قلبي وسري بكن وكيف حالكن وأنتن وحدكن وما عندكن رجال ولا أحد يؤانسكن وأنتن تعرفن أن المنارة لا تثبت إلا على أربعة وليس لكن رابع، وما يكمل حظ النساء إلا بالرجال. أنتن ثلاثة فتفتقرن إلى رابع يكون رجلاً عاقلاً لبيباً حاذقاً وللأسرار كاتماً فقلن له: نحن بنات ونخاف أن نودع السر عند من لا يحفظه، وقد قرأنا في الأخبار شعراً: صن عن سواك السر لا تودعه من أودع السر فقد ضـيعـه فلما سمع الحمال كلامهن قال: وحياتكن أني رجل عاقل أمين قرأت الكتب واطلعت على التواريخ، أظهر الجميل وأخفي القبيح وأعمل بقول الشاعر: لا يكتم السر إلا كل ذي ثـقة والسر عند خيار الناس مكتوم فلما سمعت البنات الشعر وما أبداه من الكلام قلن له: أنت تعلم أننا غرمنا على هذا المقام جملة من المال فهل معك شيء تجازينا به، فنحن لا ندعك تجلس عندنا حتى تغرم مبلغنا من المال لأن خاطرك أن تجلس عندنا وتصير نديمنا وتطلع على وجوهنا الصباح. فقالت صاحبة الدار: وإذا كانت بغير المال محبة فلا تساوي وزن حبة، وقالت البوابة إن لم يكن معك شيء فاذهب بلا شيء فقالت الدالة يا أختي نكف عنه فوالله ما قصر اليوم معنا ولو كان غيره ما طول روحه علينا ومهما جاء عليه أغرمه عنه. ففرح الحمال وقال والله ما استفتحت بالدراهم إلا منك، فقلن له اجلس على الرأس والعين وقامت الدلالة وشدت وسطها وصبت القناني وروقت المدام وأحضرت ما يحتاجون إليه ثم قدمت المدام وجلست هي وأختها وجلس الحمال بينهن وهو يظن أنه في المنام. ولم يزل الحمال معهن في عناق وتقبيل وهذه تكلمه وهذه تجذبه بالشوم تضربه وهو معهن حتى لعبت الخمرة بعقولهم. فلما تحكم الشراب معهم قامت البوابة وتجردت من ثيابها وصارت عريانة ثم رمت نفسها في تلك البحيرة ولعبت في الماء . | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 23:02 | |
| الليلة 10
قالت بلغني أيها الملك السعيد أنهن لم يزلن يتغزلن ويتمازحن وهو يقبل ويعانق وهن يتضاحكن إلى أن قلن له وما اسمه قال: اسمه البغل الجسور الذي يرعى حبك الجسور ويعلق بالسمسم المقشور ويبيت في خان أبي منصور فضحكن ثم عادوا إلى منادمتهم ولم يزالوا كذلك إلى أن أقبل الليل عليهم فقلن للحمال توجه وأرنا عرض أكتافك. فقال والله خروج الروح أهون من الخروج من عندكن، دعونا نصل الليل بالنهار وكل منا يروح الى حاله فقالت الدلالة بحياتي عندكن تدعنه ينام عندنا نضحك عليه فإنه خليع ظريف فقلن له: تبيت عندنا بشرط أن تدخل تحت الحكم ومهما رأيت فلا تسأل عنه ولا عن سببه، فقال نعم، فقلن قم واقرأ ما على الباب مكتوباً، فقام إلى الباب فوجده مكتوبً عليه بماء الذهب: لا تتكلم فيما لا يعنيك تسمع ما لا يرضيك. فقال الحمال اشهدوا أني لا أتكلم فيما لا يعنيني، ثم قامت الدلالة وجهزت لهم مأكولاً ثم أوقدوا الشموع والعود وقعدوا في أكل وشرب وإذا هم سمعوا دق الباب فلم يختل نظامهم فقامت واحدة منهن إلى الباب ثم عادت وقالت كمل صفاؤهن في هذه الليلة لأني وجدت بالباب ثلاثة أعجام ذقونهم محلوقة وهم عور بالعين الشمال وهذا من عجائب الاتفاق، وهم ناس غرباء قد حضروا من أرض الروم ولكل واحد منهم شكل وصورة مضحكة، فإن دخلوا نضحك عليهم. ولم تزل تتلطف بصاحبتيها حتى قالتا لها دعيهم يدخلون واشترطي عليهم أن لا يتكلموا فيما لا يعنيهم فيسمعوا ما لا يرضيهم. ففرحت وراحت ثم عادت ومعها الثلاثة العور وهم صعاليك فسلموا فقام لهم البنات وأقعدوهم فنظر الرجال الثلاثة إلى الحمال فوجدوه سكران فلما عاينوه ظنوا أنه منهم وقالوا: هو صعلوك مثلنا يؤانسنا. فلما سمع الحمال هذا الكلام قام وقلب عينيه وقال لهم: اقعدوا بلا فضول أما قرأتم ما على الباب فضحك البنات وقلن لبعضهن إننا نضحك على الصعاليك والحمال، ثم وضعن الأكل للصعاليك فأكلوا ثم جلسوا يتنادمون والبوابة تسقيهم. ولما دار الكأس بينهم قال الحمال للصعاليك يا إخواننا هل معكم حكاية أو نادرة تسلوننا بها فدبت فيهم الحرارة وطلبوا آلات اللهو فأحضرت لهم البوابة دفا فقام الصعاليك وأخذ واحد منهم الدف، وأخذ واحد العود، وأخذ واحد الجنك وضربوا بها وغنت البنات وصار لهم صوت عال. فبينما هم كذلك وإذا بطارق يطرق الباب، فقامت البوابة لتنظر وكان السبب أنه في تلك الليلة نزل الخليفة هارون الرشيد لينظر ويسمع ما يتجدد من الأخبار هو وجعفر وزيره ومسرور سياف نقمته، وكان من عادته أن يتنكر في صفة التجار، فلما نزل تلك الليلة ومشى في المدينة جاءت طريقهم على تلك الدار فسمعوا آلات اللهو فقال الخليفة لجعفر اني اريد ان ندخل هذه الدار ونشاهد صواحب هذه الاصوات فقال جعفر هؤلاء قوم قد دخل السكر فيهم ونخشى أن يصيبنا منهم شر، فقال لا بد من دخولنا وأريد أن نتحايل حتى ندخل عليهم فقال جعفر: سمعاً وطاعة. ثم تقدم جعفر وطرق الباب فخرجت البوابة وفتحت الباب، فقال لها: يا سيدتي نحن تجار من طبرية ولنا في بغداد عشرة أيام ومعنا تجارة ونحن نازلون في خان التجار وعزم علينا تاجر في هذه الليلة فدخلنا عنده وقدم لنا طعاماً فأكلنا ثم تنادمنا عنده ساعة، ثم أذن لنا بالانصراف فخرجنا بالليل ونحن غرباء فتهنا عن الخان الذي نحن فيه فنرجو من مكارمكم أن تدخلونا هذه الليلة نبيت عندكم ولكم الثواب فنظرت البوابة إليهم فوجدتهم بهيئة التجار وعليهم الوقار فدخلت لصاحبتيها وشاورتهما فقالتا لها أدخليهم. فرجعت وفتحت لهم الباب فقالوا ندخل بإذنك، قالت ادخلوا فدخل الخليفة وجعفر ومسرور فلما رأيتهم البنات قمن لهم وخدمنهم وقلن مرحباً وأهلاً وسهلاً بضيوفنا، ولنا عليكم شرط أن لا تتكلموا فيما لا يعنيكم فتسمعوا ما لا يرضيكم قالوا نعم. وبعد ذلك جلسوا للشراب والمنادمة فنظر الخليفة إلى الصعاليك الثلاثة فوجدهم عورا بالعين الشمال فتعجب منهم ونظر إلى البنات وما هم فيه من الحسن والجمال فتحير وتعجب، واستمر في المنادمة والحديث وأتين الخليفة بشراب فقال أنا حاج وانعزل عنهم. فقامت البوابة وقدمت له سفرة مزركشة ووضعت عليها باطية من الصيني وسكبت فيها ماء الخلاف وأرخت فيه قطعة من الثلج ومزجته بسكر فشكرها الخليفة وقال في نفسه لا بد أن أجازيها في غد على فعلها من صنيع الخير، ثم اشتغلوا بمنادمتهم، فلما تحكم الشراب قامت صاحبة البيت وخدمتهم، ثم أخذت بيد الدلالة وقالت: يا أختي قومي نفضي ديننا فقالت لها نعم، فعند ذلك قامت البوابة وأطلعت الصعاليك خلف الأبواب قدامهن وذلك بعد أن أخلت وسط القاعة ونادين الحمال وقلن له: ما أقل مودتك ما أنت غريب بل أنت من أهل الدار. فقام الحمال وشدوا وسطه وقال: ما تردن قلن قف مكانك، ثم قامت الدلالة وقالت للحمال ساعدني، فرأى كلبتين من الكلاب السود في رقبتيهما جنازير فأخذهما الحمال ودخل بهما إلى وسط القاعة فقامت صاحبة المنزل وشمرت عن معصميها وأخذت سوطاً وقالت للحمال قدم كلبة منهما فجرها في الجنزير وقدمها والكلبة تبكي وتحرك رأسها إلى الصبية فنزلت عليها الصبية بالضرب على رأسها والكلبة تصرخ وما زالت تضربها حتى كلت سواعدها فرمت السوط من يدها ثم ضمت الكلبة إلى صدرها ومسحت دموعها وقبلت رأسها ثم قالت للحمال ردها وهات الثانية، فجاء بها وفعلت بها مثل ما فعلت بالأولى. فعند ذلك اشتعل قلب الخليفة وضاق صدره وغمز جعفر أن يسألها، فقال له بالإشارة اسكت، ثم التفتت صاحبة البيت للبوابة وقالت لها: قومي لقضاء ما عليك قالت نعم. ثم إن صاحبة البيت صعدت على سرير من المرمر مصفح بالذهب والفضة وقالت البوابة والدلالة ائتيا بما عندكما، فأما البوابة فإنها صعدت على سرير بجانبها وأما الدلالة فإنها دخلت مخدعاً وأخرجت منه كيساً من الأطلس بأهداب خضر ووقفت قدام الصبية صاحبة المنزل ونفضت الكيس وأخرجت منه عوداً وأصلحت أوتاره وأنشدت هذه الأبيات: ردوا على جفني النوم الذي سلـبـا وخبروني بعـقـلـي انه ذهـبـا علمت لما رضيت الحب مـنـزلة إن المنام على جفني قد غضـبـا قالوا عهدناك من أهل الرشاد فمـا أغواك قلت اطلب من لحظتي السببا إني له عن دمي المسفوك معتـذر أقول حملته في سفكـه تـعـبـا
ألقى بمرآة فكري شمس صورته فعكسها شب في أحشائي اللهبـا من صاغه الله من ماء الحياة وقد أجرى بقيته في ثغـره شـنـبـا ماذا ترى في محب ما ذكرت لـه إلا شكى أو بكى أو حن أو طربا يرى خيالك في المـاء الـزلال إذا رام الشراب فيروى وهو ما شرب فلما سمعت الصبية ذلك، قالت طيبك الله، ثم شقت ثيابها ووقعت على الأرض مغشياً عليها، فلما انكشف جسدها رأى الخليفة أثر ضرب المقارع والسياط فتعجب من ذلك غاية العجب فقامت البوابة ورشت الماء على وجهها وأتت إليها بحلة وألبستها إياها، فقال الخليفة لجعفر أما تنظر إلى هذه المرأة وما عليها من أثر الضرب، فأنا لا أقدر أن أسكت على هذا وما أستريح إلا إن وقفت على حقيقة خبر هذه الصبية وحقيقة خبر هاتين الكلبتين، فقال جعفر: يا مولانا قد شرطوا علينا شرطاً وهو أن لا نتكلم فيما لا يعنينا فنسمع ما لا يرضينا، ثم قامت الدلالة فأخذت العود وأسندته إلى نهدها، وغمزته بأناملها وأنشدت تقول: إن شكونا الهوى فمـاذا تـقـول أو تلفنا شوقاً فكيف الـسـبـيل أو بعثنا رسولاً يتـرجـم عـنـا ما يؤدي شكوى المحب رسـول أو صبرنا فما لنـا مـن بـقـاء بعد فقد الأحـبـاب إلا قـلـيل أيها الغائبون عن لمـح عـينـي وهم في الفؤاد منـي حـلـول هل حفظتم لدى الهوى عهد صب ليس عنه مدى الزمـان يحـول أم نسيتم على التبـاعـد صـبـا شفه فيكم الضنى والـنـحـول وإذا الحشر ضمنـا أتـمـنـى من لدن ربنا حسـابـاً يطـول فلما سمعت المرأة الثانية. شعر الدلالة شقت ثيابها. كما فعلت الأولى. وصرخت ثم ألقت نفسها على الأرض مغشياً عليها، فقامت الدلالة وألبستها حلة ثانية بعد أن رشت الماء على وجهها ثم قامت المرأة الثالثة وجلست على سرير وقالت للدلالة غني لي لأفي ديني فما بقي غير هذا الصوت فأصلحت الدلالة العود وأنشدت هذه الأبيات: فإلى متى هذا الصدود وذا الجفـا فلقد جرى من أدمعي ما قد كفى كم قد أطلت الهجر لي معتـمـداً إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى لو أنصف الدهر الخؤون لعاشـق ما كان يوم للعواذل منـصـفـا ويزيد وجدي في هواك تلـهـفـاً فمتى وعدت ولا رأيتك مخلـفـا أيحل في شرع الغرام تـذلـلـي ويكون غيري بالوصال مشرفـا ولقد كلفت بحبـكـم مـتـلـذذاً وغدا عذولي في الهوى متكلفـا فلما سمعت المرأة الثالثة قصيدتها صرخت وشقت ثيابها وألقت نفسها على الأرض مغشياً عليها فلما انكشف جسدها ظهر فيه ضرب المقارع، مثل من قبلها فقال الصعاليك ليتنا ما دخلنا هذه الدار وقال لهم لم ذلك فقد اشتغل سرنا بهذا الأمر فقال الخليفة أما أنتم من هذا البيت، قالوا لا ولا ظننا هذا الموضع إلا للرجل الذي عندكم. فقال الحمال والله ما رأيت هذا الموضع إلا هذه الليلة وليتني بت على الكيمان ولم أبت فيه.
فقال الجميع نحن سبعة رجال وهن ثلاث نسوة وليس لهن رابعة فنسألهن عن حالهن فإن لم يجبننا طوعاً أجبننا كرهاً واتفق الجميع على ذلك، فقال جعفر ما هذا رأي سديد دعوهم فنحن ضيوف عندهن وقد شرطن علينا، شرطاً فنوفي به ولم يبق من الليل إلا القليل وكل منا يمضي إلى حال سبيله، ثم إنه غمز الخليفة وقال ما بقي غير ساعة، وفي غد تحضرهن بين يديك، فتسألهن عن قصتهن فأبى الخليفة وقال لم يبق لي صبر عن خبرهن وقد كثر بينهن القيل والقال، ثم قالوا ومن يسألهن فقال بعضهم الحمال ثم قال لهم النساء يا جماعة في أي شيء تتكلمون. فقال الحمال لصاحبة البيت وقال لها يا سيدتي سألتك بالله وأقسم عليك به أن تخبرينا عن حال الكلبتين، وأي سبب تعاقبيهما ثم تعودين تبكين، وتقبلينهما وأن تخبرينا عن سبب ضرب أختك بالمقارع وهذا سؤالنا والسلام فقالت صاحبة المكان للجماعة اصحيح ما يقوله عنكم فقال الجميع نعم، إلا جعفر فإنه سكت. فلما سمعت الصبية كلامهم فقالت والله لقد آذيتمونا يا ضيوفنا، الأذية البالغة، وتقدم أننا شرطنا عليكم أن من يتكلم فيما لا يعنيه، سمع ما لا يرضيه أما كفى أننا أدخلناكم منزلنا وأطعمناكم زادنا ولكن لا ذنب عليكم وإنما الذنب على من أوصلكم إلينا ثم شمرت عن معصمها وضربت الأرض ثلاث ضربات وقالت عجلوا. وإذا بباب خزانة قد فتح وخرج منه سبعة عبيد وبأيديهم سيوف مسلولة وقالت كتفوا هؤلاء الذي قد كثر كلامهم واربطوا بعضهم ببعض ففعلوا وقالوا أيتها المخدرة ائذني لنا في ضرب رقابهم، فقالت أمهلوهم ساعة حتى أسألهم عن حالهم قبل ضرب رقابهم، فقال الحمال بالله يا سيدتي لا تقتليني بذنب الغير فإن الجميع أخطأوا، ودخلوا في الذنب، إلا أنا والله لقد كانت ليلتنا طيبة لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينة عامرة لخربوها، ثم أنشد يقول: ما أحسن الغفران من قادر لا سيما عن غير ذي ناصر يحرمة الود الذي بـينـنـا لا تقتلي الأول بـالآخـر فلما فرغ الحمال من كلامه ضحكت الصبية . | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 23:03 | |
| الليلة 11 قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصبية لما ضحكت بعد غيظها، أقبلت على الجماعة وقالت أخبروني بخبركم فما بقي من عمركم إلا ساعة ولولا أنتم أعزاء او اكابر قومكم او حكام لعجلت بجزائكم فقال الخليفة ويلك يا جعفر عرفها بنا وإلا تقتلنا فقال جعفر هذا بعض ما نستحق، فقال له الخليفة لا ينبغي الهزل في وقت الجد كل منهما له وقت ثم أن الصبية أقبلت على الصعاليك، وقالت لهم هل أنتم أخوة فقالوا لها لا والله ما نحن إلا فقراء. فقالت لواحد منهم هل أنت ولدت أعور فقال لا والله وإنما جرى لي أمر غريب حيت تلفت عيني ولهذا الأمر حكاية لو كتبت بالإبر على أماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر، فسألت الثاني والثالث فقالا لها مثل الأول ثم قالوا أن كل واحد منا من بلد وأن حديثنا لعجيب وأمرنا لغريب، فالتفتت الصبية لهم، وقالت كل واحد منكم يحكي حكايته وما سبب مجيئه إلى مكاننا ثم يملس على رأسه ويروح إلى حال سبيله فأول من تقدم ، فقال يا سيدتي أنا رجل حمال حملتني هذه الدلالة وأتت بي إلى هنا وجرى لي معكم ما جرى وهذا حديثي والسلام، فقالت له ملس على رأسك وروح فقال والله ما أروح حتى أسمع حديث رفقائي. فتقدم الصعلوك الأول وقال لها يا سيدتي، إن سبب حلق ذقني وتلف عيني أن والدي كان ملكاً وله أخ وكان أخوه ملكاً على مدينة أخرى واتفق علي أن أمي ولدتني في اليوم الذي ولد فيه ابن عمي، ثم مضت سنوات وأعوام، وأيام حتى كبرنا وكنت أزور عمي في بعض السنين وأقعد عنده أشهرا عديدة فزرته مرة فأكرمني ابن عمي غاية الإكرام وذبح لي الأغنام وروق لي المدام وجلسنا للشراب فلما تحكم الشراب فينا قال ابن عمي: يا ابن عمي إن لي عندك حاجة مهمةواريد ان لا تخالفني فيما اريد ان افعله فقلت له حبا وكرامة فاستوثق مني بالإيمان العظام ونهض من وقته وساعته وغاب قليلاً، ثم عاد وخلفه امرأة مزينة مطيبة وعليها من الحلل ما يساوي مبلغاً عظيماً. فالتفت إلي والمرأة خلفه، وقال خذ هذه المرأة واسبقني على الجبانة الفلانية ووصفها لي فعرفتها وقال ادخل بها التربة وانتظرني هناك فلم يمكني المخالفة ولم أقدر على رد سؤاله لأجل الذي حلفته فأخذت المرأة وسرت إلى أن دخلت التربة فلما استقر بنا الجلوس جاء ابن عمي ومعه طاسة فيها ماء وكيس فيه جبس وقدوم ثم إنه أخذ القدوم وجاء إلى قبر في وسط التربة ففكه ونقض أحجاره إلى ناحية التربة، ثم حفر بالقدوم في الأرض، حتى كشف عن طابق قدر الباب الصغير فبان من تحت الطابق سلم معقود. ثم ألتفت إلى المرأة بالإشارة وقال لها دونك وما تختارين فنزلت المرأة على ذلك السلم، ثم التفت إلي وقال يا ابن عمي تمم المعروف إذا نزلت أنا في ذلك الموضع فرد الطابق ورد عليه التراب كما كان وهذا تمام المعروف وهذا الجبس الذي في الكيس وهذا الماء الذي في الطاسة أعجن منه الجبس وجبس القبر في دائر الأحجار كما كان أول حتى لا يعرفه أحد ولا يقول هذا فتح جديد وباطنه عتيق لأن لي سنة كاملة، وأنا أعمل فيه، وما يعلم به إلا الله وهذه حاجتي عندك، ثم قال لا أوحش الله منك، يا ابن عمي، ثم نزل على السلم. و غاب عني فقمت ورددت الطابق وفعلت ما أمرني به حتى صار القبر كما كان ثم رجعت إلى قصر عمي، وكان عمي في الصيد والقنص فنمت تلك الليلة فلما أصبح الصباح تذكرت الليلة الماضية وما جرى بيني وبين ابن عمي وندمت على ما فعلت معه . | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 23:05 | |
| الليلة 12 قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك قال للصبية ثم خرجت إلى المقابر وفتشت على التربة فلم أعرفها ولم أزل أفتش حتى أقبل الليل ولم أهتد إليها فرجعت إلى القصر لم آكل ولم أشرب وقد اشتغل خاطري بابن عمي من حيث لا أعلم له حالاً فاغتممت غماً شديداً وبت ليلتي مغموماً إلى الصباح فجئت ثانياً إلى الجبانة وأنا أتفكر فيما فعله ابن عمي وندمت على طاعتي له. وقد فتشت في الترب جميعاً فلم أعرف تلك التربة ولازمت التفتيش سبعة أيام فلم أعرف له طريقاً. فزاد بي الوسواس حتى كدت أن أجن. ورجعت إلى ابي وساعة وصولي إلى مدينة أبي نهض إلى جماعة من باب المدينة وكتفوني فتعجبت كل العجب لاني ابن سلطان المدينة وهم خدم أبي وغلماني ولحقني منهم خوف زائد فقلت في نفسي: يا ترى ماذا جرى لوالدي وصرت أسأل الذين كتفوني عن سبب ذلك فلم يردوا جواباً. و بعد حين قال لي بعضهم وكان خادماً عندي إن أباك قد غدر به الزمان وخانته العساكر وقتله الوزير ونحن نترقب وقوعك فأخذوني وأنا غائب عن الدنيا بسبب هذه الأخبار التي سمعتها عن أبي فلما مثلت بين يدي الوزير الذي قتل أبي وكان بيني وبينه عداوة قديمة اذ كنت مولعاً بضر البندق فاتفق أن كنت واقفاً يوماً من الأيام على سطح قصر وإذا بطائر نزل على سطح قصر الوزير وكان واقفاً هناك فأردت أن أضرب الطير واذا بالبندقية أخطأت واصابت عين الوزير فأتلفتها بالقضاء والقدر كما قال الشاعر: دع الأقدار تفعل ما تـشـاء وطب نفساً بما فعل القضاء ولا تفرح ولا تحزن بشيء فإن الشيء ليس له بـقـاء وكما قال الآخر: مشينا خطا كتبـت عـلـينـا ومن كتب عليه خطاً مشاهـا ومن كانت منـيتـه بـأرض فليس يموت في أرض سواها ثم قال ذلك الصعلوك: فلما أتلفت عين الوزير لم يقدر أن يتكلم لأن والدي كان ملك المدينة. فلما وقفت قدامه مكتفا أمر بضرب عنقي فقلت: أتقتلني بغير ذنب فقال أي ذنب أعظم من هذا وأشار إلى عينه المتلفة فقلت له: فعلت ذلك خطأ فقال إن كنت فعلته خطأ فأنا أفعله بك عمدا.ً ثم قال: قدموه بين يدي فقدموني بين يديه فمد إصبعه في عيني الشمال فأتلفها فصرت من ذلك الوقت أعور كما تروني، ثم كتفني ووضعني في صندوق وقال للسياف تسلم هذا، وأشهر حسامك وخذه واذهب به إلى خارج المدينة واقتله ودعه للوحوش تأكله. فذهب بي السياف وصار حتى خرج من المدينة وأخرجني من الصندوق وأنا مكتوف اليدين مقيد الرجلين وأراد أن يغمي عيني ويقتلني فبكيت وأنشدت هذه الأبيات: جعلتكموا درعاًً لتمنعوا سهام العدا عني فكنتم نصالها وكنت أرجي عند كل مـلـمة تخص يميني أن تكون شمالها
إذا لم تقوا نفسي مكايدة العـدا فكونوا سكوتاً لا عليها ولا لها وأنشدت أيضاً هذه الأبيات: وإخوان اتخذتـهـم دروعـاً فكانوها ولكن لـلأعـادي وخلتهموا سهامـاً صـائبـات فكانوها ولكن فـي فـؤادي
وقالوا قد سعينا كل سـعـي لقد صدقوا ولكن في فسادي فلما سمع السياف شعري، وكان سياف أبي ولي عليه إحسان، قال يا سيدي كيف أفعل وأنا عبد مأمور؟ ثم قال لي: فز بعمرك ولا تعد إلى هذه الارض فتهلك وتهلكني معك كما قال الشاعر: ونفسك فر بها إن خفت ضيماً وخل الدار تنعي من بناهـا فإنك واحد أرضـاً بـأرض ونفسك لم تجد نفساً سواهـا عجبت لمن يعيش بـدار ذل وأرض الله واسعة فـلاهـا وما غلظت رقاب الأسد حتى بأنفسها تولت ما عـنـاهـا فلما قال ذلك، قبلت يديه وما صدقت حتى فررت وهان علي تلف عيني بنجاتي من القتل وسافرت حتى وصلت إلى مدينة عمي فدخلت عليه وأعلمته بما جرى لوالدي وبما جرى لي من تلف عيني فبكى بكاء شديداً وقال لقد زدتني هماً على همي وغماً على غمي فإن ابن عمك قد فقد منذ أيام ولم أعلم بما جرى له ولم يخبرني أحد بخبره وبكى حتى أغمي عليه فلما استفاق قال يا ولدي قد حزنت على ابن عمك حزناً شديداً وأنت زدتني بما حصل لك ولابنك غماً على غمي، ولكن يا ولدي، بعينك ولا بروحك، ثم إنه لم يمكني السكوت عن ابن عمي الذي هو ولده فأعلمته بالذي جرى له كله ففرح عمي بما قلته له فرحاً شديداً عند سماع خبر ابنه وقال أرني التربة فقلت والله يا عمي لم أعرف مكانها لأني رجعت بعد ذلك مرات لأفتش عليها فلم أعرف مكانها ثم ذهبت أنا وعمي إلى الجبانة ونظرت يميناً وشمالاً فعرفتها ففرحت أنا وعمي فرحاً شديداً ودخلت أنا وإياه التربة وأزحنا التراب ورفعنا الطابق ونزلت أنا وعمي مقدار خمسين درجة فلما وصلنا إلى آخر السلم وإذا بدخان طلع علينا فغشي أبصارنا فقال عمي: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم مشينا. وإذا نحن بقاعة ممتلئة دقيقاً وحبوباً ومأكولات وغير ذلك ورأينا في وسط القاعة ستارة مسبولة على سرير فنظر عمي إلى السرير فوجد ابنه هو والمرأة التي قد نزلت معه صارا فحماً أسودا وهما متعانقين كأنهما ألقيا في جب نار فلما نظر عمي ذلك بصق في وجهه وقال تستحق يا خبيث فهذا عذاب الدنيا وبقي عذاب الآخرة وهو أشد وأبقى. | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 23:06 | |
| الليلة 13 قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك قال للصبية والجماعة والخليفة وجعفر يستمعون الكلام: ثم أن عمي ضرب ولده بالنعال وهو راقد كالفحم الأسود فتعجبت من ضربه، وحزنت على ابن عمي حيث صار والصبية فحماً أسودا ثم قلت بالله يا عمي خفف الهم عن قلبك فقد اشتغل سري وخاطري بما قد جرى لولدك اما يكفيك ما هو فيه حتى تضربه بالنعال؟ فقال يا ابن أخي: إن ولدي هذا كان من صغره مولعاً بحب أخته وكنت أنهاه عنها وأقول في نفسي إنهما صغيران فما كبرا وقع بينهما القبيح وسمعت بذلك ولم أصدق ولكني زجرته زجراً بليغاً وقلت له أحذر من هذه الفعال القبيحة التي لم يفعلها أحد قبلك ولا يفعلها أحد بعدك وإلا نبقى بين الملوك بالعار والنقصان إلى الممات وتشيع أخبارنا مع الركبان، وإياك أن تصدر منك هذه الفعال فإني أسخط عليك وأقتلك ثم حجبته عنها وحجبتها عنه. كانت الخبيثة تحبه محبة عظيمة وقد تمكن الشيطان منها، فلما رآني حجبته، فعل هذا المكان الذي تحت الأرض خفية ونقل فيه المأكول كما تراه واستغفلني لما خرجت إلى الصيد وأتى هذا المكان فغار عليه وعليها الحق سبحانه وتعالى وأحرقهما. ثم بكى وبكيت معه وقال لي: أنت ولدي عوضاً عنه. ثم أني تفكرت ساعة في الدنيا وحوادثها من قتل الوزير لوالدي وأخذه مكانه وتلف عيني وما جرى لابن عمي من الحوادث الغريبة فبكيت. ثم أننا صعدنا ورددنا الطابق والتراب وعملنا القبر كما كان، ثم رجعنا إلى منزلنا فلم يستقر بنا الجلوس حتى سمعنا دق طبول وبوقات ورمحت الأبطال وامتلأت الدنيا بالعجاج والغبار من حوافر الخيل فحارت عقولنا ولم نعرف الخبر. فسأل الملك عن الخبر فقيل إن وزير أخيك قتله وجمع العساكر والجنود وجاء بعسكره ليهجموا على المدينة غفلة وأهل المدينة لم يكن لهم طاقة بهم فسلموا إليه فقلت في نفسي متى وقعت أنا في يده قتلني وتراكمت الأحزان وتذكرت الحوادث التي حدثت لأبي وأمي ولم أعرف كيف العمل فإن ظهرت عرفني أهل المدينة وعساكر أبي فيسعون في قتلي وهلاكي فلم أجد شيئاً أنجو به إلا حلق ذقني فحلقتها وغيرت ثيابي وخرجت من المدينة وقصدت هذه المدينة والسلام لعل أحداً يوصلني إلى أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين حتى أحكي له قصتي وما جرى لي فوصلت إلى هذه المدينة في هذه الليلة فوقفت حائراً ولم أدر أين أمضي وإذا بهذا الصعلوك واقف فسلمت عليه وقلت: له أنا غريب أيضاً. فبينما نحن كذلك وإذا برفيقنا هذا الثالث جاءنا وسلم علينا وقال: أنا غريب فقلنا له: ونحن غريبان، فمشينا وقد هجم علينا الظلام فساقنا القدر إليكم، وهذا سبب حلق ذقني، وتلف عيني، فقالت الصبية: ملس على رأسك. فقال لها: لا أروح حتى أسمع خبر غيري. فتعجبوا من حديثه، فقال الخليفة لجعفر: والله أنا ما رأيت مثل الذي جرى لهذا الصعلوك. ثم تقدم الصعلوك الثاني وقبل الأرض وقال يا سيدتي: أنا ما ولدت أعور، وإنما لي حكاية عجيبة لو كتبت بالإبر على آماق البصر، لكانت عبرة لمن اعتبر. فأنا ملك ابن ملك وقرأت القرآن على سبع روايات وقرأت الكتب على أربابها من مشايخ العلم وقرأت علم النجوم وكلام الشعراء واجتهدت في سائر العلوم حتى فقت أهل زماني. فعظم حظي عند سائر الكتبة وشاع ذكري في سائر الأقاليم والبلدان وشاع خبري عند سائر الملوك فسمع بي ملك الهند. فأرسل يطلبني من أبي وأرسل إليه هدايا وتحفاً تصلح للملوك. فجهزني أبي في ست مراكب وسرنا في البحر مدة شهر كامل حتى وصلنا إلى البر وأخرجنا خيلاً كانت معنا في المركب وحملنا عشرة احمال هدايا ومشينا قليلا.ً وإذا بغبار قد علا وثار حتى سد الأقطار واستمر ساعة من النهار ثم انكشف قبان من تحته ستون فارساً وهم ليوث وعوانس فتأملناهم وإذا هم عرب قطاع طريق فلما رأونا ونحن نفر قليل ومعنا عشرة أجمال هدايا لملك الهند رمحوا علينا وشرعوا الرماح بين أيديهم نحونا. فأشرنا إليهم بالأصابع وقلنا لهم: نحن رسل إلى ملك الهند المعظم فلا تؤذونا فقالوا نحن لسنا في أرضه ولا تحت حكمه ثم إنهم قتلوا بعض الغلمان وهرب الباقون وهربت أنا بعد أن جرحت جرحاً بليغاً واشتغلت عنا العرب بالمال والهدايا التي كانت معنا فصرت لا أدري أين أذهب، وكنت عزيزاً فصرت ذليلاً وسرت إلى أن أتيت رأس الجبل فدخلت مغارة حتى طلع النهار ثم سرت منها حتى وصلت إلى مدينة عامرة بالخير وقد ولى عنها الشتاء ببرده وأقبل عليها الربيع بورده. ففرحت بوصولي إليها وقد تعبت من المشي وعلاني الهم والاصفرار فتغيرت حالتي ولا أدري أين أسلك فملت إلى خياط في دكان وسلمت عليه فرد علي السلام ورحب بي وباسطني عن سبب غربتي فأخبرته بما جرى لي من أوله إلى آخره، فاغتم لأجلي وقال يا فتى لا تظهر ما عندك فإني أخاف عليك من ملك المدينة لأنه أكبر أعداء أبيك وله عنده ثأر. ثم أحضر لي مأكولاً ومشروباً فأكلت وأكل معي وتحادثت معه في الليل وأخلى لي محلاً في جانب حانوته وأتاني بما أحتاج إليه من فراش وغطاء، فأقمت عنده ثلاثة أيام، ثم قال لي أما تعرف صنعة تكسب بها فقلت له: إني فقيه طالب علم كاتب حاسب، فقال: إن صنعتك في بلادنا كاسدة وليس في مدينتنا من يعرف علماً ولا كتابة غير المال فقلت والله لا أدري شيئاً غير الذي ذكرته لك، فقال شد وسطك وخذ فأساً وحبلاً واحتطب في البرية حطباً تتقوت به إلى أن يفرج الله عنك ولا تعرف أحداً بنفسك فيقتلوك، ثم اشترى لي فأساً وحبلاً وأرسلني مع بعض الحطابين وأوصاهم علي، فخرجت معهم واحتطبت فأتيت بحمل على رأسي فبعته بنصف دينار فأكلت ببعضه وأبقيت بعضه، ودمت على هذا الحال مدة سنة. ثم بعد السنة ذهبت يوماً على عادتي إلى البرية لأحتطب منها ودخلتها، فوجدت فيها خميلة أشجار فيها حطب كثير فدخلت الخميلة، وأتيت شجرة وحفرت حولها وأزلت التراب عن جدارها فاصطكت الفأس في حلقة نحاس فنظفت التراب وإذا هي في طابق من خشب فكشفته فبان تحت سلم فنزلت إلى أسفل السلم فرأيت باباً فدخلته فرأيت قصراً محكم البنيان فوجدت فيه صبية كالدرة السنية تنفي إلى القلب كل هم وغم وبلية. فلما نظرت إليها سجدت لخالقها لما أبدع فيها من الحسن والجمال فنظرت غلي وقالت لي أنت أنسي أم جني، فقلت لها: إنسي، فقالت: ومن أوصلك إلى هذا المكان الذي لي فيه خمسة وعشرون سنة، ما رأيت فيه إنسياً أبداً فلما سمعت كلامها وجدت له عذوبة وقلت لها يا سيدتي أوصلني الله إلى منزلك ولعله يزيل همي وغمي وحكيت لها ما جرى لي من الأول إلى الآخر. فصعب عليها حالي وبكت وقالت أنا الأخرى أعلمك بقصتي فاعلم أني بنت ملك أقصى الهند صاحب جزيرة الآبنوس وكان قد زوجني بابن عمي فاختطفني ليلة زفافي عفريت اسمه جرجريس بن رجوس بن إبليس فطار بي إلى هذا المكان ونقل فيه كل ما أحتاج إليه من الحلى والحلل والقماش والمتاع والطعام والشراب. في كل عشرة أيام يجيئني مرة فيبيت هنا ليلة وعاهدني إذا عرضت لي حاجة ليلاً أو نهاراً أن ألمس بيدي هذين السطرين المكتوبين على القبة فما ارفع يدي حتى أراه عندي ومنذ كان عندي له اليوم أربعة أيام وبقي له ستة أيام حتى يأتي فهل لك أن تقيم عندي خمسة أيام، ثم تنصرف قبل مجيئه بيوم فقلت نعم. ففرحت ثم نهضت على أقدامها وأخذت بيدي وأدخلتني من باب مقنطر وانتهت بي إلى حمام لطيف ظريف فلما رأيته خلعت ثيابي وخلعت ثيابها، ودخلت فجلست على مرتبة وأجلستني معها وأتت بسكر ممسك وسقتني، ثم قدمت لي مأكولاً وتحادثنا ثم قالت لي ثم واسترح فإنك تعبان، فنمت يا سيدتي وقد نسيت ما جرى لي، وشكرتها فلما استيقظت وجدتها تكبس رجلي فدعوت لها وجلسنا نتحادث ساعة، ثم قالت والله إني كنت ضيقة الصدر وأنا تحت الأرض وحدي ولم أجد من يحدثني خمسة وعشرين سنة فالحمد لله الذي أرسلك إلي ثم أنشدت: لو علمنا مجيئكم لفـرشـنـا مهجة القلب أو سواد العيون وفرشنا خدودنا والتـقـينـا لكون المسير فوق الجفـون فلما سمعت شعرها شكرتها وقد تمكنت محبتها في قلبي، وذهب عني همي وغمي، ثم جلسنا في منادمة إلى الليل، فبت معها ليلة ما رأيت مثلها في عمري وأصبحنا مسرورين فقلت لها هل أطلعك من تحت الأرض وأريحك من هذا الجني فضحكت وقالت اقنع واسكت ففي كل عشرة أيام يوم للعفريت وتسعة لك فقلت وقد غلب علي الغرام فأنا في هذه أكسر هذه القبة التي عليها النقش المكتوب لعل العفريت يجيء حتى أقتله فإني موعود بقتل العفاريت فلما سمعت كلامي أنشدت: يا طالباً للفراق مـهـلاً بحيلة قد كفى اشتـياق اصبر فطبع الزمان غدر وآخر الصحبة الفـراق فلما سمعت شعرها لم ألتفت لكلامها بل رفست القبة رفساً قوياً وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 23:07 | |
| الليلة 14 قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك الثاني قال للصبية يا سيدتي لما رفست القبة رفساً قوياً، قالت لي المرأة أن العفريت قد وصل إلينا أما حذرتك من هذا ولله لقد آذيتني ولكن انج بنفسك واطلع من المكان الذي جئت منه فمن شدة خوفي نسيت نعلي وفأسي، فلما طلعت درجتين التفت لأنظرهما فرأيت الأرض قد انشقت وطلع منها عفريت ذو منظر بشع، وقال ما هذه الزعجة التي أرعشتني بها فما مصيبتك. فقالت ما أصابني شيء غير أن صدري ضاق، فأردت أن أشرب شراباً يشرح صدري فنهضت لأقضي أشغالي فوقعت على القبة، فقال لها العفريت يا فاجرة ونظر في القصر يميناً وشمالاً فرأى النعل والفأس فقال لها ما هذه إلا متاع الإنس من جاء إليك فقالت: ما نظرتهما إلا في هذه الساعة ولعلهما تعلقا معك. فقال العفريت هذا كلام محال لا ينطلي علي يا عاهرة، ثم أنه عراها، وصلبها بين أربعة أوتاد وجعل يعاقبها ويقررها بما كان فلم يهن علي أن أسمع بكاءها فطلعت من السلم مذعوراً من الخوف فلما وصلت إلى أعلى الموضع رددت الطابق كما كان وسترته بالتراب وندمت على ما فعلت غاية الندم وتذكرت الصبية وحسنها وكيف يعاقبها هذا الملعون وهي معه منذ خمسة وعشرون سنة وما عاقبها إلا بسببي وتذكرت أبي ومملكته وكيف صرت حطاباً، فقلت هذا البيت: إذا ما أتاك الدهر يوماً بنـكـبة فيوما ترى يسراً ويوم ترى عسرا ثم مشيت إلى أن أتيت رفيقي الخياط فلقيته في الانتظار فقال لي: بت البارحة وقلبي عندك وخفت عليك من وحش أو غيره فالحمد لله على سلامتك فشكرته على شفقته علي ودخلت خلوتي، وإذا بصديقي الخياط دخل علي وقال لي في الدكان شخص أعجمي يطلبك ومعه فأسك ونعلك قد جاء بهما إلى الخياطين وقال لهم أني خرجت وقت آذان المؤذن، لأجل صلاة الفجر فعثرت بهما ولم أعلم لمن هما ، فدله الخياطون عليك وها هو قاعد في دكاني فاخرج إليه واشكره وخذ فأسك ونعلك. فلما سمعت هكذا الكلام اصفر لوني وتغير حالي فبينما أنا كذلك وإذا بأرض محلي قد انشقت وطلع منها الأعجمي وإذا هو العفريت وقد كان عاقب الصبية غاية العقاب فلم تقر له بشيء فأخذ الفأس والنعل وقال لها إن كنت من ذرية إبليس فأنا أجيء بصاحب هذا الفأس والنعل ثم جاء بهذه الحيلة إلى الخياطين ودخل علي ولم يمهلني بل اختطفني وطار وعلا بي ونزل بي وغاص في الأرض وأنا لا أعلم بنفسي، ثم طلع بي القصر الذي كنت فيه فرأيت الصبية عريانة والدم يسيل من جوانبها فقطرت عيناي بالدموع. فأخذها العفريت وقال لها يا عاهرة هذا عشيقك فنظرت إلي وقالت له لا أعرفه ولا رأيته إلا في هذه الساعة، فقال لها العفريت هذه العقوبة ولم تقري، فقالت ما رأيته عمري وما يحل من الله أن أكذب عليه، فقال لها العفريت إن كنت لا تعرفينه، فخذي هذا السيف واضربي عنقه فأخذت السيف وجاءتني ووقفت على رأسي فأشرت لها بحاجبي ودمعي يجري على وجنتي فنهضت وغمزتني وقالت أنت الذي فعلت هذا كله فأشرت لها أن هذا وقت العفو ولسان حالي يقول: يترجم طرفي عن لساني لتعلمـوا ويبدو لكم ما كان صدري يكتم ولما التقينا والـدمـوع سـواجـم خرست وطرفي بالهوى يتكـلـم فلما فهمت الصبية إشارتي رمت السيف من يدها يا سيدتي، فناولني العفريت السيف وقال لي اضرب عنقها وأنا أطلقك ولا أنكد عليك، فقلت نعم، وأخذت السيف وتقدمت بنشاط ورفعت يدي، فقالت لي بحاجبها أنا ما قصرت في حقك فهطولت عيناي بالدموع ورميت السيف من يدي، وقلت أيها العفريت الشديد والبطل الصنديد، إذا كانت امرأة ناقصة عقل ودين لم تستحل ضرب عنقي فكيف يحل لي أن أضرب عنقها ولم أرها عمري، فلا أفعل ذلك أبداً ولو سقيت من الموت كأس الردى. فقال العفريت أنتما بينكما مودة وأخذ السيف وضرب يد الصبية فقطعها، ثم ضرب الثانية فقطعها ثم قطع رجلها اليمنى ثم قطع رجلها اليسرى حتى قطع أرباعها بأربع ضربات وأنا أنظر بعيني فأيقنت بالموت ثم أشارت إلي بعينها فرآها العفريت فقال لها زنيت بعينك ثم ضربها فقطع رأسها، والتفت إلي وقال يا آنسي نحن في شرعنا إذا زنت الزوجة يحل لنا قتلها، وهذه الصبية اختطفتها ليلة عرسها، وهي بنت اثنتي عشرة سنة ولم تعرف أحداً غيري وكنت أجيئها في كل عشرة أيام ليلة واحدة في زي رجل أعجمي. فلما تحققت أنها خانتني فقتلتها وأما أنت فلم أتحقق أنك خنتني فيها، ففرحت يا سيدتي وطمعت في العفريت وقلت له: ما أتمناه عليك، قال تمن علي أي صورة اسحرك فيها إما صورة كلب وإما صورة حمار وإما صورة قرد فقلت له وقد طمعت أن يعفو عني والله إن عفوت عني يعفو الله عنك، بعفوك عن رجل مسلم لم يؤذيك وتضرعت إليه غاية التضرع، وبقيت بين يديه، وقلت له أنا مظلوم. فقال لي لا تطل علي الكلام أما القتل فلا تخف منه وأما العفو عنك فلا تطمع فيه وأما سحرك فلا بد منه، ثم شق الأرض وطار بي إلى الجو حتى نظرت إلى الدنيا حتى كأنها قصعة ماء، ثم حطني على جبل وأخذ قليلاً من التراب وهمهم عليه وتكلم ورشني وقال اخرج من هذه الصورة إلى صورة قرد. فمن ذلك الوقت صرت قرداً ابن مائة سنة فلما رأيت نفسي في هذه الصورة القبيحة بكيت على روحي وصبرت على جور الزمان وانحدرت من أعلى الجبل إلى أسفله وسافرت مدة شهر، ثم ذهبت إلى شاطئ البحر المالح، فوقفت ساعة وإذا أنا بمركب في وسط البحر قاصدة البر، فاختفيت خلف صخرة على جانب البحر وسرت إلى أن أتيت وسط المركب. فقال واحد منهم أخرجوا هذا المشؤوم من المركب، وقال واحد منهم نقتله، وقال آخر اقتله بهذا السيف فأمسكت طرف السيف وبكيت، وسالت دموعي فحن علي الريس وقال لهم يا تجار إن هذا القرد استجار بي وقد أجرته وهو في جواري فلا أحد يعرض له ولا يشوش عليه. ورسينا على مدينة عظيمة، فيها عالم كثير لايحصى عددهم فساعة وصولنا أوقفنا مركبنا فجاءتنا مماليك من طرف ملك المدينة فنزلوا المركب وهنأوا التجار بالسلامة، وقالوا إن ملكنا يهنئكم بالسلامة وقد أرسل إليكم هذا الدرج الورق وقال كل واحد يكتب فيه سطرا فقمت وأنا في صورة قرد وخطفت الدرج من أيديهم، فخافوا أن أقطعه وأرميه في الماء فنهروني وأرادوا قتلي فأشرت لهم أني أكتب فقال لهم الريس دعوه يكتب فإن لخبط الكتابة طردناه وإن أحسنها اتخذته ولداً فإني ما رأيت قرداً أفهم منه ثم أخذت القلم واستنديت الحبر وكتبت سطراً بقلم الرقاع ورقمت هذا الشعر: لقد كتب الدهر فضل الكرام وفضلك للآن لايحـسـب فلا أيتم الله منـك الـورى لأنك للفضل نـعـم الأب وكتبت بقلم الثلث هذين البيتين: وما من كاتب إلا سيفـنـى ويبقي الدهر ما كتبت يداه فلا تكتب بخطك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه وكتبت تحته بقلم المسبق هذين البيتين: إذا فتحت دواة العز والـنـعـم فاجعل مدادك من جود ومن كرم واكتب بخير إذا ما كنت مقتـدراً بذاك شرفت فضلاً نسبه القلـم ثم ناولتهم ذلك الدرج الورق فطلعوا به إلى الملك، فلما تأمل الملك ما في ذلك الدرج فلم يعجبه خط أحد إلا خطي، فقال لأصحابه توجهوا إلى صاحب هذا الخط وألبسوه هذه الحلة وأركبوه بغلة وهاتوه بالنوبة وأحضروه بين يدي فلما سمعوا كلام الملك تبسموا فغضب منهم ثم قال كيف آمركم بأمر فتضحكون عليه، فقالوا أيها الملك ما نضحك على كلامك، بل الذي كتب هذا الخط قرد وليس هو آدميا وهو مع الريس. فتعجب الملك من كلامهم واهتز من الطرب، وقال أريد أن أشتري هذا القرد، ثم بعث رسلا إلى المركب ومعهم البغلة والحلة وقال لابد أن تلبسوه هذه الحلة وتركبوه البغلة وتأتوا به، فساروا إلى المركب وأخذوني من الريس وألبسوني الحلة، فلما طلعوا بي للملك ورأيته قبلت الأرض بين يديه ثلاث مرات فأمرني بالجلوس، فجلست على ركبتي. فتعجب الحاضرون من أدبي وكان الملك أكثرهم تعجبا ثم أن الملك أمر الخلق بالإنصراف ، ولم يبق إلا الملك والطواشي ومملوك صغير وأنا، ثم أمر بطعام فقدموا سفرة طعام فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين فأشار إلي الملك أن آكل فقمت وقبلت الأرض بين يديه سبع مرات وجلست آكل معه وحينما ارتفعت السفرة أخذت الدواة والقلم والقرطاس وكتبت هذين البيتين: أنا جر الضان ترياق من العلـل وأصحن الحلو فيها منتهى أملي يا لهف قلبي على مد السماط إذا ماجت كنافته بالسمن والعسـل ثم قمت وجلست بعيدا فنظر الملك إلى ما كتبته وقرأه فتعجب وقال هل يكون عند قرد هذه الفصاحة وهذا الخط والله إن هذا من أعجب العجب ثم قدم للملك شطرنج، فقال لي الملك أتلعب قلت برأسي نعم، فتقدمت وصففت الشطرنج ولعبت معه مرتين فغلبته فحار عقل الملك وقال لو كان هذا آدميا لفاق أهل زمانه، ثم قال لخادمه إذهب إلى سيدتك وقل لها: كلمي الملك حتى تجيء فتتفرج على هذا القرد العجيب. فذهب الطواشي وعاد معه سيدته بنت الملك، فلما نظرت إلي غطت وجهها، وقالت يا أبي كيف طاب خاطرك أن ترسل إلي فيراني الرجال الأجانب فقال يابنتي ما عندك سوى المملوك الصغير والطواشي الذي رباك وهذا القرد وأنا أبوك فممن تغطين وجهك. فقالت إن هذا القرد إبن ملك وإسم أبيه إيمار، صاحب جزائر الأبنوس الداخلة وهو مسحور وسحره العفريت جرجريس ، وقد قتل زوجته بنت ملك أقناموس وهذا الذي تزعم أنه قردا إنما هو رجل عالم عاقل. فتعجب الملك من إبنته ونظر إلي وقال: أحق ما تقول عنك فقلت برأسي نعم وبكيت فقال الملك لبنته من أين عرفت أنه مسحور فقالت: يا أبت كان عندي وأنا صغيرة عجوز ماكرة ساحرة علمتني السحر، وقد حفظته وأتقنته وعرفت مائة وسبعين بابا من أبوابه، أقل باب منها أنقل به حجارة مدينتك خلف جبل قاف وأجعلها لجة بحر وأجعل أهلها سمكا في وسطه. فقال أبوها: بحق إسم الله عليك أن تخلصي لنا هذا الشاب، حتى أجعله وزيري وهل فيك هذه الفضيلة ولم أعلم فخلصيه حتى أجعله وزيري لأنه شاب ظريف لبيب، فقالت له حبا وكرامة، ثم أخذت بيدها سكينا، وعملت دائرة. | |
|
| |
امولة مديرة المنتدى
الحالة الاجتماعية : متزوجة
عدد المساهمات : 4323
النوع :
نقاط : 5788
الابراج :
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
| موضوع: رد: الف ليله وليله حلقات متتاليه 14/9/2010, 23:10 | |
| الليلة 15 قالت بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك قال للصبية ، ثم أن بنت الملك أخذت بيدها سكينا مكتوبا عليها أسماء عبرانية، وخطت بها دائرة في وسط وكتبت فيها أسماء وطلاسم وعزمت بكلام وقرأت كلاما، لا يفهم، فبعد ساعة أظلمت علينا جهات القصر، حتى ظننا أن الدنيا قد إنطبقت علينا وإذا بالعفريت قد تدلى علينا في أقبح صفة ، ففزعنا منه. فقالت بنت الملك لا أهلا بك ولا سهلا، فقال العفريت وهو في صورة أسد يا خائنة كيف خنت اليمين أما تحالفنا على أن لا يعترض أحدنا للآخر فقالت له يا لعين ومن أين لك يمين فقال العفريت خذي ما جاءك ثم انقلب أسدا وفتح فاه وهجم على الصبية. فأسرعت وأخذت شعرة من شعرها بيدها، وهمهمت بشفتيها فصارت الشعرة سيفا ماضيا وضربت ذلك الأسد فقطعته نصفين، فصارت رأسه عقربا، وانقلبت الصبية حية عظيمة وهمهمت على هذا اللعين وهو في صفة عقرب، فتقاتلا قتالا شديدا، ثم انقلب العقرب عقابا فانقلبت الحية نسرا وصارت وراء العقاب واستمرا ساعة زمانية ثم انقلب العقاب قطا أسود، فانقلبت الصبية ذئبا فتشاحنا في القصر ساعة زمانية وتقاتلا قتالا شديدا فرأى القط نفسه مغلوبا فانقلب وصار رمانة حمراء كبيرة ووقعت تلك الرمانة في بركة وانتثر الحب كل حبة وحدها وامتلأت أرض القصر حبا فانقلب ذلك الذئب ديكا لأجل أن يلتقط ذلك الحب حتى لا يترك منه حبة فبالأمر المقدر، دارت حبة في جانب الفسقية فصار الديك يصيح ويرفرف بأجنحته ويشير إلينا بمنقاره ونحن لا نفهم ما يقول، ثم صرخ علينا صرخة تخيل لنا منها أن القصر قد انقلب علينا ودار في أرض القصر كلها حتى رأى الحبة التي تدارت في جانب الفسقية فانقض عليها ليلتقطها وإذا بالحبة سقطت في الماء فانقلب الديك حمارا كبيرا ونزل خلفها وغاب ساعة وإذا بنا قد سمعنا صراخا عاليا فارتجفنا. وبعد ذلك طلع العفريت وهو شعلة نار فألقى من فمه نارا ومن عينيه ومنخريه نارا ودخانا وانقلبت الصبية لجة نار فاردنا أن نغطس في ذلك الماء خوفا على أنفسنا من الحريق والهلاك فما شعرنا إلا العفريت قد صرخ من تحت النيران وصار عندنا في الليوان ونفخ في وجوهنا بالنار فلحقته الصبية ونفخت في وجهه بالنار أيضا فأصابنا الشر منها ومنه، فأما شررها فلم يؤذينا وأما شرره فلحقني منه شرارة في عيني فأتلفها وأنا في صورة القرد ولحق الملك شرارة منه في وجهه فأحرقت نصفه التحتاني بذقنه وحنكه ووقعت أسنانه التحتانية ووقعت شرارة في صدر الطواشي فاحترق ومات من وقته وساعته فأيقنا بالهلاك وقطعنا رجاءنا من الحياة. فبينما نحن كذلك وإذا بقائل يقول: الله أكبر الله أكبر وإذا بالقائل بنت الملك قد أحضرت العفريت فنظرنا إليه فرأيناه قد صار كوم رماد، ثم جاءت الصبية وقالت إلحقوني بطاسة فجاؤوا بها اليها فتكلمت عليها بكلام لا نفهمه ثم رشتني بالماء وقالت أخلص بحق الحق وبحق إسم الله الأعظم إلى صورتك الأولى فصرت بشرا كما كنت أولا ولكن تلفت عيني. فقالت الصبية النار يا والدي ثم أنها لم تزل تستغيث من النار وإذا بشرر أسود قد طلع إلى صدرها وطلع إلى وجهها فلما وصل إلى وجهها بكت وقالت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. ثم نظرنا إليها فرأيناها كوم رماد بجانب كوم العفريت فحزنا عليها وتمنيت لو كنت مكانها ولا أرى ذلك الوجه المليح الذي عمل في هذا المعروف يصير رمادا ولكن حكم الله لا يرد. فلما رأى الملك أبنته صارت كوم رماد نتف لحيته ولطم على وجهه وشق ثيابه وفعلت كما فعل وبكينا عليها ثم جاء الحجاب وأرباب الدولة فوجدوا السلطان في حالة العدم وعنده كوم رماد فتعجبوا وداروا حول الملك ساعة فلما أفاق أخبرهم بما جرى لإبنته مع العفريت فعظمت مصيبتهم وصرخ النساء والجواري وعملوا العزاء سبعة أيام. ثم إن الملك أمر أن يبني على رماد ابنته قبة عظيمة وأوقد فيها الشموع والقناديل وأما رماد العفريت فإنهم أذروه في الهواء إلى لعنة الله ثم مرض السلطان واستمر مرضه شهرا وعادت إليه العافية فطلبني وقال لي يا فتى قد قضينا زماننا في أهنأ عيش آمنين من نوائب الزمان حتى جئتنا فأقبلت علينا الأكدار فليتنا ما رأيناك ولا رأينا طلعتك القبيحة التي بسببها صرنا في حالة العدم. فأولا عدمت ابنتي التي كانت تساوي مائة رجل وثانيا جرى لي من الحريق ما جرى وعدم أضراسي ومات خادمي ولكن ما بيدك حيلة بل جرى قضاء الله علينا وعليك والحمد لله حيث خلصتك إبنتي وأهلكت نفسها، فاخرج يا ولدي وكفى ما جرى بسببك وكل ذلك مقدر علينا وعليك،. فخرجت يا سيدتي من عنده وما صدقت بالنجاة ولا أدري أين أتوجه، وخطر على قلبي ما جرى لي وكيف خلوني في الطريق سالما منهم ومشيت شهرا وقلت بعيني ولا بروحي ودخلت الحمام قبل أن أخرج من المدينة وحلقت ذقني وجئت يا سيدتي وفي كل يوم أبكي وأتفكر المصائب التي كانت عاقبتها تلف عيني، وكلما أتذكر ما جرى لي أبكي وأنشد هذه الأبيات: تحيرت والرحمن لا شك في امري وحلت بي الاحزان من حيث لا ادري ساصبرحتى يعلم الناس انني صبرت على شيء امر من الصبر وما احسن الصبر الجميل مع التقى وما قدر المولى على خلقه يجري سرائر سرى ترجمان سريرتي اذ كان سر السر سرك في سري ولو ان ما بي بالجبال لهدمت وبالنار اطفأها وبالريح لم يسر ومن قال ان الدهر فيه حلاوة فلا بد من يوم امر من المر . ثم سافرت الأقطار وقصدت دار السلام بغداد لعلي أتوصل إلى أمير المؤمنين وأخبره بما جرى لي، فوصلت إلى بغداد هذه الليلة فوجدت أخي هذا الأول واقفا متحيرا فقلت السلام عليكم وتحدثت معه وإذا بأخينا الثالث قد أقبل علينا وقال السلام عليكم أنا رجل غريب فقلنا ونحن غريبان وقد وصلنا هذه الليلة المباركة. فمشينا نحن الثلاثة وما فينا أحد يعرف حكاية أحد فساقتنا المقادير إلى هذا الباب ودخلنا عليكم وهذا سبب حلق ذقني وتلف عيني فقالت له إن كانت حكايتك غريبة فامسح على رأسك واخرج في حال سبيلك، فقال لا أخرج حتى أسمع حديث رفيقي. فتقدم الصعلوك الثالث وقال أيتها السيدة قصتي مثل قصتهما بل قصتي أعجب وذلك أن هذين جاءهما القضاء والقدر وأما أنا فسبب حلق ذقني وتلف عيني أنني جلبت القضاء لنفسي والهم لقلبي وذلك أني كنت ملكا إبن ملك، ومات والدي وأخذت الملك من بعده وحكمت وعدلت وأحسنت للرعية وكان لي محبة في السفر في البحر وكانت مدينتي على البحر والبحر متسع وحولنا جزائر معدة للقتال. فأردت أن أتفرج على الجزائر فنزلت في عشرة مراكب وأخذت معي مؤونة شهر وسافرت عشرين يوما. ففي ليلة من الليالي هبت علينا رياح مختلفة إلى أن لاح الفجر فهدأ الريح وسكن البحر حتى أشرقت الشمس، ثم أننا أشرفنا على جزيرة وطلعنا إلى البر وطبخنا شيئا نأكله فأكلنا ثم أقمنا يومين وسافرنا عشرين يوما فاختلفت علينا المياه وعلى الريس استغرب الريس واستغرب البحر فقلنا للناظور: انظر البحر بتأمل، فطلع على الصاري ثم نزل الناطور وقال للريس: رأيت عن يميني سمكا على وجه الماء ونظرت إلى وسط البحر فرأيت سوادا من بعيد يلوح تارة أسود وتارة أبيض. فلما سمع الريس كلام الناظور ضرب الأرض بعمامته ونتف لحيته وقال للناس ابشروا بهلاكنا جميعا ولا يسلم منا أحد، وشرع يبكي وكذلك نحن الجميع نبكي على أنفسنا فقلت أيها الريس أخبرنا بما رأى الناظور فقال يا سيدي أعلم أننا تهنا يوم جاءت علينا الرياح المختلفة ولم يهدأ الريح إلا بكرة النهار ثم أقمنا يومين فتهنا في البحر ولم نزل تائهين أحد عشر يوما من تلك الليلة وليس لنا ريح يرجعنا إلى ما نحن قاصدون آخر النهار وفي غد نصل إلى جبل من حجر أسود يسمى حجر المغناطيس ويجرنا المياه غصبا إلى جهته. فيتمزق المركب ويروح كل مسمار في المركب إلى الجبل ويلتصق به لان الله وضع حجر المغناطيس سرا ثم إن الريس يا سيدتي بكى بكاء شديد فتحققنا أننا هالكون لا محالة وكل منا ودع صاحبه. فلما جاء الصباح قربنا من تلك الجبل وساقتنا المياه إليه غصبا، فلما صارت المراكه تحته انفتحت وفرت المسامير منها وكل حديد فيها نحو حجر المغناطيس ونحن دائرون حوله وفي آخر النهار تمزقت المراكب فمنا من غرق ومنا من سلم ولكن أكثرنا غرق والذين سلموا لم يعلموا ببعضهم لأن تلك الأمواج واختلاف الرياح أدهشتهم. وأما أنا يا سيدتي فنجاني الله تعالى لما أراده من مشقتي وعذابي وبلوتي، فطلعت على لوح من الألواح فألقاه الريح والامواج إلى جبل فأصبت طريقا متطرفا إلى أعلاه على هيئة السلالم منقورة في الجبل . | |
|
| |
| الف ليله وليله حلقات متتاليه | |
|