البيت.. مؤسسة حياتية فعالة زاخرة بالحيوية والبهجة والعطاء. مجتمع صغير هو نواة لمجتمع كبير يؤسس بدوره لامةٍ كبيرة.
وهذه المؤسسة لها دعائم تستند اليها، ومن اهم وابرز هذه الدعائم(التعاون) فيا ترى كيف يؤطر هذا التعاون؟! وكيف ينظر الرجل الى ما يقدمه من مساعدة في بيته؟!
كبرنا على رؤية مفادها ان عمل المنزل من اختصاص المراة ولا يجوز للرجل ان يقوم بأي عمل من قبيل الطبخ او غسل الصحون وما شابه ذلك.. وان قام بذلك فهو نوع من التشبه بالنساء.
فألام تربي ابنتها على عمل المنزل بان تجعلها خادمة لاخيها تمهيداً لزوجها ويكبر الآخر دون ان يشارك بأي عملٍ من أعمال المنزل.. يكبر ليمسي زوجاً ورب أسرة.. وتبدأ المشكلة .
السيدة ام نؤاس ام لسبعة اولاد وهي تشكو بالقول: (الاولاد يأخذون كل وقتي.. اريد ساعة فارغ من اليوم اجلس فيها مع زوجي لنتحدث ونتسامر فلا اجد ذلك، لا أحد يساعدني في أي عمل ، ابنائي السبعة كأبيهم متكلين علّي في كل شؤونهم .. لا اجد وقتاً حتى للقيام بالزيارات الواجبة لاهلي وبعض الاصدقاء .
وعندما سألنا الاستاذ (ص) مدرس في احدى المدارس الاعدادية عن عمل الرجل في المنزل هل هو رفعة ام نقيصة؟، اجاب: (العمل في المنزل ليس وجاهة او رفعة او نقص وانما تعاون بين الرجل والمراة وعندما يكون هذا العمل ليس بواجب وانما مساعدة وليس بامر من المراة، وضعف في شخصية الرجل .)
السيدة فائزة مرزة موظفة اخبرتنا: (منذ بدء حياتنا الزوجية كان هناك التعاون والوئام والمحبة في السراء والضراء.)
اما السيدة هيفاء محمد معلمة وام لثلاثة اولاد ذكور قالت: غلاء المعيشة وصعوبة الظرف جعلاني لا استطيع الاستغناء عن وظيفتي، ومع هذا فانا المطالبة الوحيدة في البيت بانجاز جميع مهماته، فزوجي يريد مني بيتاً نظيفاً وطعاماً جاهزاً من غير تأخير وعناية كاملة به واليوم عبارة عن 24 ساعة فقط... وعندما احاول تعويد ابنائي على العمل مثلما طلبت في احدى المرات من ابني الكبير ان يساعدني في غسل الصحون، غضب زوجي مني ومنع ابني من تقديم المساعدة بحجة ان ذلك ليس من عمل الاولاد.
وعندما توجهنا بالسؤال الى الشباب غير المتزوجين، اجابتنا سهى احدى طالبات التربية اللغة العربية بالقول: (أريده رجلاً متسامحاً، عطوفاً يتعاون معي في امور البيت ولا يشدد علّي في كل صغيرة وكبيرة.. اظن ان من الصعب العثور على رجل كهذا) صديقتها آمال قالت: (للمراة عملها الخاص كما للرجل عمله الخاص وللتعاون طعمه الخاص في العلاقات الزوجية، الرجل الواعي يتفهم هذه الامور). اما الطالب امجد العبيدي كلية الطب فأعرب عن رايه قائلاً: (إذا كانت المراة قد قبلت التضحية وتحملت اعباء العمل لكسب العيش وسد رمق الاسرة وتحسين وضعها اضافة الى واجباتها المتمثلة برعاية الاسرة وتربية الاولاد، فعلى الرجل ان يبادلها التضحية بالتضحية بمساعدتها بما من امور البيت وان يترفع بالعلم ونبذ افكار الجاهلية التي طالما حاول الإسلام محاربتها منذ اكثر من 14 قرناً، ومثالنا في ذلك الامام علي بن ابي طالب الذي كان يساعد زوجته فاطمة بنت النبي بالعناية بولديه الحسن والحسين حينما يجدها مشغولة بامور البيت.
حقاً، يا ترى لماذ يعتبر الرجل مساعدته زوجته او حتى امه او اخته في البيت منقصة لشخصيته ؟!
السيدة هدى العطار قالت لنا: (مساعدة الزوج لزوجته داخل المنزل لها معانٍ كبيرة ومؤثرة في دوام العلاقة الزوجية وخلق روح التضحية والتسامح بين الزوجين ولا اعني بذلك ان يكون الزوج ملزماً بقضاء جزء من أعمال البيت التي تقوم بها الزوجة بقدر ما يشعرها بالتقدير لما تقدمه من خدمات لافراد الاسرة من خلال الكلمة الطيبة والإشادة بها وبقدراتها بين الأقارب والأصدقاء مما يجعلها اكثر عطاءً من جميع النواحي في داخل بيتها ودائرتها)
..
صدقوني .. لا يوجد احلى من التعاون.. ولا يوجد تعاون اسمى من تعاون الرجل والمراة في بناء الحياة